حماس والعودة الى نقطة الصفر - يحيى رباح
الاعتداء على مقر مجلس الوزراء في غزة, والدعوة الى عقد جلسة للمجلس التشريعي اليوم, وانهاء عمل اربع وزارات في غزة, واعتقالات كوادر وقيادات حركة فتح, والاجتماع الذي دعت له حماس وقاطعته الفصائل بنسبة عالية, وتفجيز صرافات البنوك, وسرقة مخازن الاتصالات, والاعلان عن قتل واصابة اثنين داخل نفق في رفح, والتفجيرات ضد منازل قياديين في حركة فتح قبيل ساعات من موعد الاحتفال بالذكرى العاشرة لاستشهاد الرئيس ياسر عرفات, وكل الاحداث الصغيرة والكبيرة التي شهدها قطاع غزة منذ اعلان مخيم الشاطئ حتى تشكلت بموجبه حكومة التوافق الوطني, ودخلنا الى افق جديد للمصالحة الوطنية, ليست سوى اجزاء من مشهد واحد, بانوراما واحدة, ملخصها ان اسرائيل مستاءة الى حد الغيظ والانفجار والتمزق من المستوى المهم الذي وصلت اليه القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني.
وبطبيعة الحال فان اسرائيل سوف تستنفر كل اجهزتها الامنية, وكل احتياطها من العملاء والجواسيس والحلفاء والذين يشاركونها الرؤية ضد المشروع الفلسطيني, بل ان السلوك الذي خجلت منه معظم الصحافة الاسرائيلية, ومعظم قطاعات الرأي العام الاسرائيلي نتيجة سلوك نتنياهو وهو يتسلل بين الصفوف مثل صبي تائه اثناء مظاهرة الجمهورية التاريخية في باريس, والتصريحات الى ادلى بها وكشفت المخبوءوالمتعفن في عقله.
المثير للصدمة والحزن في آن واحد: ان حماس التي امتدت لها يد الشرعية الفلسطينية لانقاذها مما هي فيه, اختارت رغم انف كل العقلاء فيها ان تعود الى نقطة الصفر من جديد, وان تكون جزءا من هذه البانوراما الاسرائيلية الواسعة, وان تلغي عقلها وتستمع الى ما يقوله المندسون والصغار في مواقع التواصل الاجتماعي وغيرهم من ترهات ليس لها صلة بالواقع ولا بنسبة واحد بالمليون.
اليوم الاربعاء : علينا ان ننظر بعيون مفتوحة ومنتبهة الى ما سوف يحدث بشأن جلسة المجلس التشريعي, وما هي المفاجآت هل حماس ستعقد جلسة بواسطة التوكيلات- كما فعلت دائما وهي بدعة –لاعضائها الغائبين عن الجلسة وهل هناك نواب في التشريعي يتبعون بعض الفصائل سيشاركون؟ وهل سيشارك بعض الذين كانت حماس واياهم على طرفي نقيض وها هم معها في الحفرة نفسها؟
الشيء المحزن والمثير للرثاء : ان كل ما تفعله حماس الآن من عودة الى نقطة الصفر عبر رعاية الفلتان الامني او الفلتان الوطني او القفزات السياسية في الهواء, كانت قد جربته في الماضي, وفعلته بأشكال متعددة, فما الذي حدث وقتها؟ لا شيء سوى انها فقدت ثقلها في الميزان, لأن حماس دون ان تكون داخل البيت الفلسطيني فانها تكون بلا ادنى قيمة, لانه حتى الذين يلعبون معها في السر والخفاء يعطونها قيمة اذا بقيت تحت سقف البيت, اما اذا خرجت الى الفراغ فان الاشياء في الفراغ تفقد وزنها, وهذا هو الدرس الخالد الذي تجرعه اولئك الذين انفصلوا عن الشعب وخانوه وخرجوا من تحت سقف بيت العائلة وقذفوه بالحجارة والرصاص, فانهم تلاشوا مثل الفقاقيع حتى بلا ضجيج.
ونحن نقول لاصحاب العرس الاسرائيليين, ممثلين بالقيادة الحالية, قيادة نتنياهو والمتحالفين معه, انكم لا يمكن ان تشربوا من مياه النهر من نفس النقطة مرتين, وشعبنا قد قطع شوطا وهو رهاننا الاساسي, هناك شعب فلسطيني خبير الى حد العبقرية في فن البقاء, وليستمع نتنياهو الى صوت من يفوقونه خبرة وذكاء, فهذا الشعب قام من الموت اصلا, ونقول للذين يتوهمون من هنا وهناك, توقفوا, امامكم فرصة اخيرة, والا فان العار مكتوب على جباهكم, ولو قدر للاعداء بكل قوتهم ان يقتلوا هذا الشعب ويجتثوا حضوره وعدالة قضيته لفعلوا ذلك منذ عقود.
دعونا نرى ماذا ستفعل حماس?
هل ستعود الى الفشل نفسه? هل هذا دورها الذي لا تجيد سواه? هل هي يائسة من الغفران فتلقي بنفسها الى الجحيم?
تذكروا قداسة الحلم والحق والدماء والشهداء, تذكروا القيامات والمبادرات, ولا تتبعوا شياطينكم.