عزلة إسرائيل - حافظ البرغوثي
توقعت وثيقة سرية وزعتها الخارجية الإسرائيلية على بعثاتها الدبلوماسية في الخارج زيادة العزلة الإسرائيلية في العالم خاصة في أوروبا مع التوجه لزيادة المقاطعة الأكاديمية والاقتصادية والأمنية على إسرائيل. وتعترف الوثيقة بأن الجهود الأميركية لمنع الاعتراف الدولي في الأمم المتحدة بدولة فلسطين قد لا تستمر طويلاً وهي مؤقتة إلى ما بعد الانتخابات الإسرائيلية وبعدها يمكن توقع اعترافات أوروبية متتالية.
العزلة الإسرائيلية التي أشار إليها التقرير اتضحت أكثر في مسيرة باريس حيث جسد سلوك نتنياهو هذا التطفل على حدث دولي حاول من خلاله تحقيق انجازات انتخابية شخصية وجعل إسرائيل في موضع تندر وسخرية دوليين مفصحاً عن رغبة استيطانية جامحة في استثمار اللحظة لارهاب يهود فرنسا وحثهم على الهجرة.
وسارع اليمين الإسرائيلي الحاكم في إسرائيل إلى الاعلان عن خطط استيطانية لتوسيع المستوطنات القائمة لتوطين المهاجرين اليهود من فرنسا. وكأن هناك توافقاً مصلحياً بين مرتكبي هجومي باريس وآلة الاستيطان الإسرائيلية مثلما كان هناك توافق مصلحي بين الوكالة اليهودية ومنفذي جرائم الاعتداء على الجاليات اليهودية في المغرب ومصر والعراق لإجبار اليهود على الهجرة إلى فلسطين قبل وبعد عام 1948 وهي خلايا ثبتت أنها يهودية على صلة بمنظمات صهيونية مسلحة.
استثمار دم الضحايا بهذه الطريقة هو دعوة لليهود للهجرة واراقة الدم الفلسطيني طالما أن الارهاب الاستيطاني مستثنى من الارهاب الدولي الزاحف بفضل الرعاية الأميركية للسياسة الإسرائيلية المعادية للسلام وللحقوق الفلسطينية.
العزلة الإسرائيلية لن تفكها هجرة بضعة آلاف ولا بضع هجمات على اليهود في العالم.. بل التوجه نحو السلام والاعتراف بالحقوق الفلسطينية ، وكل ما عدا ذلك هو تأجيل وصول إسرائيل إلى دولة عنصرية منبوذة دولياً.. فمن قبل قال دي كليرك رئيس وزراء جنوب أفريقيا العنصرية «كنا في أوج قوتنا ولم نتخيل أننا سنسقط وفجأة انهار كل شيء وسقط النظام العنصري» فحركة التاريخ غير متوقعة ولكنها حاسمة.