عدالة (كبير العالم) بين المخزي والسخيف - موفق مطر
بأي حق تطلب الادارة الأميركية مشاركة الدول العربية في الحرب على الارهاب والتطرف، بالتوازي مع اصرارها على حماية ارهاب جنرالات وساسة دولة الاحتلال ( اسرائيل )، المسؤولين عن جرائم حرب وضد الانسانية، فإدارة الدولة الأعظم والأقوى في العالم، تشرعن عملياتها العسكرية ضد جماعات ( داعش والقاعدة والنصرة ) وغيرهم من المتطرفين الارهابيين المقبلين من اسيا واوروبا وافريقيا الى ميداني الصراعات الدولية في سوريا والعراق، لكنها ترفع السدود، والحواجز الثابتة والطيارة حتى، وتصفع بالفيتو وجه الشرعية الدولية، اذا عاينت هذا المرض العالمي، وقررت اجراء عملية جراحية لاستئصال اصل ورم الارهاب وخليته الأم في المنطقة.
تصر الادارة الأميركية على ابقاء منبت الارهاب، ومجرمي الحرب الاسرائيليين خارج نطاق صلاحيات القانون الدولي، فتكون بذلك ( المافيا الأعظم ) التي توفر ( لبلطجييها..وأحصنتها ) في المنطقة حصانة وحماية، وتفتح لهم خطوطا خلفية للهروب والفرار عند اشتداد المواجهة، وما وصفها ( بالمخزي ) قرار المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيقات اولية بجرائم حرب ارتكبها الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة اثناء عملية ( الجرف الصامد ) التي دامت 51 يوما، الا خزي وعار تجلبه هذه الادارة للشعب الأميركي ولثالوث الحرية والعدالة والديمقراطية، واسقاط متعمد لراية المؤمنين بالتعايش والتكامل الحضاري بين الديانات والأعراق والأجناس في العالم، وكأنها بهذه المواقف تبعث للعالم ببرهان لا يحتمل التفسير او التأويل او الاحتمالات، بأن شعب الولايات المتحدة الأميركية مازال بحاجة الى ثورة حقيقية، لتطهير الدولة من عقلية التفوق، والتميز العنصري المعششة في ادمغة معظم اصحاب القرار والتشريع، ولحماية منهج الحياة الانسانية المعاصرة، لشعوب العالم، فأمة الولايات المتحدة، نموذج لتعايش الأعراق والأجناس والقيم والمبادئ والعقائد، صنعة الأميركيين بعقلانية وتضحيات، وبانتصار لقيم الانسان وحقوقه ـ الا ان رماد العبودية، والعنصرية، وجبروت الرأسمالية الاستعمارية ومصالحها المادية المطيحة بالاخلاقية، ما زالت عوامل انسداد في شرايين ( دماغ البيت الأبيض والكونغرس ).
لا تكف حكومات اسرائيل عن تقديم صور العقوق للمجتمع الدولي، فإسرائيل وليد هذا المجتمع بخلاف كل دول العالم، ولا توفر مناسبة لاحتقار (كبير العالم ) وشخصية القانون الدولي فيه، ومواثيق الأمم المتحدة ومنظماتها، ولعمرنا فهذا انعكاس لحقيقة تفكير ونظرة قادة اسرائيل للمجتمع الدولي وتشريعاته ومنظماته وقوانينه.
نحن نعرف وندرك جيدا مكانة المجتمع الدولي وشرعيته لدى اسرائيل، لذا لم نستغرب وصف حكومة نتنياهو قرار الجنائية الدولية بالسخيف، لأن دولة تنظر بغير مستوى التحقير والتسخيف الذي نلمسه من دولة الاحتلال، لما تجرأت على ارتكاب مجازر، وجرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية، واباد طيرانها عائلات بأكملها، ودمر احياء تأوي عشرات آلاف المواطنين الفلسطينيين ( حي الشجاعية ) لتأمين انسحاب مجموعة من جنوده وقعوا في مأزق، او لملاحقة مجموعة مقاتلة تمكنت من اسر جندي اسرائيلي داخل حدود قطاع غزة، ولما استخدم جيشها القنابل والقذائف المحرمة دوليا في الحروب...لكن.
ما يثير اهتمامنا كيف ان المجتمع الدولي يقف عاجزا ضعيفا لا يستخدم حق الدفاع عن نفسه الا ضد الضعفاء اصلا، الذين لا يجدون سبيلا الا ارعاب الناس، وتفجير انفسهم وسط الأبرياء، وغدرهم في الأماكن العامة، وخطفهم وذبحهم بسكين الكراهية المشتقة من مفاهيم باطلة اجرامية حتى لو نسبوها للدين لإثبات وجودهم كعصابات تبحث لها عن مكان الى جانب ( عصابات رسمية ) تحظى بميزات ومظاهر دولة.
مبادرة الجنائية الدولية محاولة نتمنى لها النجاح، محاولة لمحو عار الاحتقار والخزي الذي لحق بالمجتمع الدولي ومنظماته منذ وقفته متفرجا على جرائم وليده ( اسرائيل ) منذ نكبة العام 1948 وحتى اليوم، ولم لا فقد تكون بداية لتحريره من هيمنة مجرمي الحرب، المموهين بالديمقراطية.
لا ننسى أن فلسطينيا حرا، مناضلا قال( لا ) عظيمة، متحديا هؤلاء ومنظومتهم الارهابية الدولية، هو المحرض لضمير محكمة الجنايات الدولية للانطلاق بالاتجاه الصحيح. فالرئيس أبو مازن لا يملك قوة دولة، لكنه يملك شرعية تمثيل ارادة الشعب الفلسطيني، وطموحاته وآماله بالحرية والاستقلال والعدالة والديمقراطية، فالاحتلال والاستيطان، افظع اشكال الارهاب، لكن لم يمنعه من التحدي باسم الشعب، فبادر الساهرون على بقاء ميزان العدالة في العالم منصوبا، للسير بذات الاتجاه. فهل ستصدق رؤيتنا ؟!... سنرى.