أحوالنا، وماذا بعد - د.مازن صافي
كل شيء في الكون يتطور ويتحول من حال إلى حال، ومن السذاجة ان نقف أمام التطور أو أن نتحول كصخور صماء، بل يجب أن نعمل على تفتيت الحصى وخلط الرمال الناعمة بالطين الصلب لك تنجح زراعة الأفكار السليمة في بيئة تواكب التطور وتقاوم التصحر ويكون الحصار مثمرا كيفما نريد لا كيفما يفرض علينا.
على مستوى قضيتنا الفلسطينية نمر اليوم بمرحلة انتقال قاسية، فلقد فتحت المعركة الدولية، ونعاني في نفس الوقت من تقاعس العالم وغياب استجابة الشعوب لما نعاني وتنكر الحكومات لظروفنا، ولهذا نشعر بالاختناق ونحن نطرق جدار الخزان من داخل الحصار السياسي أو المجتمعي، وكأنه لا يلتفت لنا أحد .
إن التماسك الاجتماعي وقوة المجتمع توأمان يسيران جنبا إلى جنب معا وسوياً، فإن ضعف أحدهما سقط الآخر، ويستمر البحث عن الذات تعويضا عن الفقد والضعف وعدم فهم واقعية الأحداث وتطور الكون.
دائما كنا نفتخر أننا في طليعة الشعوب برغم وجود الاحتلال وقسوته وكان دوما المستوى العلمي المرتفع هو سلاحنا نحو الحرية ودخولنا إلى البلاد العربية والإسلامية ليكون ذلك عونا اقتصاديا وسياسيا للداخل وفي الخارج، ولكننا اليوم أمام جيش من العاطلين عن العمل والخريجين حاملين أعلى الشهادات وبل من تخصصات النخبة، وتحول ذلك الى كابوس لا يخلو منه أي بيت، ومرة أخرى نتساءل لماذا لا تفتح الدول العربية والسلامية حدودها لاستيعاب أعداد من الخريجين الفلسطينيين، وبذلك نعالج أيضا موضوع الهجرة واللجوء للدول الأوروبية بحثا عن الرزق وهروبا من واقع الفقر والحاجة وانعدام مقومات الطموح .
كثيرا ما تسمع كلمة " ساق الله على ايام زمان" وكأن الناس يعودون الى الذاكرة البعيدة أو القريبة، ينشدون راحة النفس وهدوء البال، بالرغم انهم كانوا يعيشون حياة الفقر والحاجة، وكبار السن يتذكرون كيف كان أهليهم يعيشون في هناء ومحبة في قراهم حتى جاءت العصابات الصهيونية لتمارس الجرائم والقتل والسرقات وطرد الناس وحرق القرى والمدن، فكانت النكبة ولازالت الآثار والتداعيات حتى اليوم، في صورة تترجم واقع القضية الفلسطينية وبداية الصراع العربي الإسرائيلي .
وأخيرا إن من ظلمنا لبعضنا البعض أن نعاقب او نخاصم الآخر للاختلاف في القناعان والاجتهادات، ومن البديهي أن يكون في البيت الواحد اتفاق واختلاف، وحتى في الاجتماعات لابد من وجود معارض لفكرة أو لقرار، لكي تستقيم الأمور وتبدع الأفكار وتتوالد البدائل والحلول، فمقومات الحياة المستقرة لا تهدمها الاختلافات، ولكن ما يدمرها هو الكراهية والحقد والتباغض وتبخيس الآخر .