المزاودة والجنس والاستفزاز..أدوات انتخابية متجددة ! د. صبري صيدم
لم يشهد الصراع الانتخابي في إسرائيل من قبل حرباً ضروساً كالتي نراها اليوم أو ربما على وجه الدقة بحجم الأدوات الانتخابية التي نشهدها هذه الأيام. فكل خطوة ميدانية وموقف وشعار وزيارة محلية كانت أم دولية باتت محطة للاستعراض والاستثمار.
فالمزايدات الخطابية على حساب الفلسطينيين والإيغال في التطرف وترديد الشعارات وقذف الآخرين ومداهنة البعض والتحالف الخفي والوعود الانتخابية كلها باتت أموراً شائعة ومعهودة.
الغريب هذه المرة هو في استغلال حدثين كبيرين بصورة ألبت حتى الحلفاء التقليديين لنتنياهو خاصة وسائل الإعلام الأميركية وغيرها التي لطالما اعتادت أن تحمي عرشه وسطوته.
فاستفزاز الرئيس الأميركي في عقر داره وللمرة الثانية جاء ليس فقط من باب صفع الحليف التقليدي وإنما بمثابة استعراض انتخابي بامتياز غرضه التأكيد لجمهور الناخبين ما أفصح عنه سابقاً رئيس الوزراء شارون الذي صرّح في لحظة غضب لأحد رجالاته بأن إسرائيل هي من تحكم أميركا وليس العكس.
وسيراً على ذات النهج فإن نتنياهو لم تقنعه الحملة الانتخابية المحلية لكثرة تشعباتها ولاعبيها والتراجع الملحوظ لشعبيته واستنزاف الشعارات الزائفة والأكاذيب، لذا قرر الهجوم إلى الأمام ونقل المعركة إلى واشنطن حتى يحظى بأقصى تغطية إعلامية لن يطالها حتى لو قرر لعب دور البطولة في اكثر افلام هوليوود شهرة ومبيعاً.
فالخطاب الموعود أمام مجلسي الشيوخ والكونجرس سيوفر نجومية وحضوراً ودعماً لنتنياهو لم يشهده زعيم ما في إسرائيل رغم ما يرتبط بذلك من جرحٍ لأوباما الذي تنازل عن وعود القاهرة الرنانة للعرب في حزيزان من العام 2009 واختار أن يصد حق فلسطين في الحرية والاستقلال في مجلس الأمن.
صفعة نتنياهو لأوباما والتي حاك فصولها سفيره في واشنطن والمقرب له أتت كالصاعقة على مشاعر أوباما والذي شعر بالإهانة، كيف لا وهو الذي اعتذر عن لقاء نتنياهو في زيارته القادمة التزاما بالبروتوكول المعهود الذي يمنع لقاء الرئيس الأميركي بأي من الزعماء المرشحين لأية انتخابات، فرد عليه نتنياهو بجمع أركان السيادة في أميركا تحت قبة واحدة ليخطب بهم بعيداً عن سيد البيت الأبيض. فخرجت محطات أميركية موالية للمحتل عن صمتها وقررت مهاجمة نتنياهو واصفة إياه بالشرير والمحتال وغيرها من الألفاظ.
محطة نتنياهو الأخرى كانت باريس حيث وظف حسب محللين كثر ما حدث بها مؤخراً ليسوق نفسه كمعادٍ للتطرف والإرهاب معفياً نفسه من حقيقة كونه المسؤول كما يراه الكثيرون عن قتل آلاف النساء والأطفال الفلسطينيين.
فمشاركة رئيس حكومة الاحتلال في جنازة باريس كانت استعراضاً كبيراً بالنسبة للكثيرين رغم أنها فتحت شهية المتندرين على شبكات الإعلام الاجتماعي فأمعن الجميع في الاستهزاء بمحاولة نتنياهو التطهر من دنس ما يلاحقه من خطايا حسب المحللين.
معركة الانتخابات شهدت أيضاً عودة لسياسيين نائمين كموشي كحلون الذي يحاول استثمار تردي الوضع المعيشي في إسرائيل ليحقق عودة سياسية مرموقة.
لكن طرفة موسم الانتخابات كانت مع حزب العمل وشريكته الجديدة تسيبي ليفني التي تقود اليوم اختراعها الجديد المسمى حزب الحركة. ليفني وزعيم حرب العمل هرتسوغ قررا دعوة حزبيهما وبعض الفارين من جبروت نتنياهو وبعض مناصريهم العرب للانضواء جميعاً تحت راية ائتلاف جديد.
لكن المصيبة التي فجرت الخلاف بين الحلفاء الجدد كانت في الاسم وهو المعسكر الصهيوني، حيث ثارت حفيظة الشركاء العرب الذين وجدوا الاسم منافيا لهويتهم ومخالفا لشعارات التسويق المستهلكة لهرتسوغ وليفني حول السلام والتعايش والتسوية السياسية.
وفي خضم هذا وذاك انفجرت في إسرائيل قضية الفضائح الجنسية المتعاقبة والتي طال آخرها شخصية شرطية كبيرة قيل بأنها ربما تكون نائب قائد شرطة إسرائيل والذي تدعي بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه قد تعرض للاستجواب على خلفية عدة حالات من التحرش الجنسي وإخفاء معلومات والتخلص من بيانات مهمة.
الموضوع وإن لم يصل إلى دائرة الصراع الانتخابي الإسرائيلي فإنه ومن غير المستبعد أن يدخل حلبة السجال الانتخابي خاصة في مجتمع اعتاد على فضائح الجنس والرشوة والفساد.. مجتمع جل سياسييه من أصحاب السوابق ومع ذلك ما زال يقبض على حرية شعبٍ بأسره! ولله بالفعل في خلقه شؤون!