لعنة الارهاب.. وفشل الأمن- عمر حلمي الغول
في الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير المصرية أعلنت جماعة الاخوان المسلمين وكل مشتقاتها وافرازاتها الارهابية وعلى الملأ، بانها ستنتقم لـ "شرعية" حاكمها المعزول الدكتور محمد مرسي. كما انها لم تتوقف ولا لحظة قبل وصولها لسدة الحكم وبعده، بالتلويح بارهابها الأسود ضد كل من يحاول الحؤول دون تربعها على عرش الحكم دون منازع، حتى ان المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي، سلم لهم الحكم، رغم ان أحمد شفيق كان الفائز في انتخابات 2012 الرئاسية.
إذا النظام السياسي المصري خصوصا اجهزته الأمنية، يعلمون جميعا أن الجماعات التكفيرية بقيادة جماعة الاخوان المسلمين على امتداد الأرض المصرية لديهم قرار صريح وواضح بالانتقام ونشر الارهاب في عموم اراضي المحروسة، وإدماء قلوب آباء وأمهات وزوجات وابناء واشقاء الضباط والجنود البواسل، حماة الشرعية وكل من تطالهم اليد الاجرامية من القيادات المدنية او العسكرية وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي. ومع ذلك ينجح الارهابيون في مجموعة عمليات في بؤرة المواجهة في محافظة شمال سيناء: العريش والشيخ زويد ورفح وإيقاع حوالي ثلاثين شهيدا وسبعين جريحا. كيف؟ ولماذا؟ ومن المسؤول عن ذلك؟ وما هي الذرائع، التي يمكن طرحها على المواطن المصري والعربي وأي مراقب لتبرير المصاب الأليم والجرح العميق، الذي اصاب الضباط والجنود؟
المرء، وهو يعالج العمليات الارهابية الجبانة والخطيرة في آن، لا يحتاج للتأكيد على دعمه للشرعية المصرية برئاسة السيسي، وتهنئة الشعب العربي المصري بثورته البطولية في يناير 2011. وليس مطلوبا فقط إدانة هذه العملية الارهابية او تلك القوة التكفيرية، انما المطلوب الآن وبالأمس واليوم وغدا تسليط الضوء على نقاط الضعف في المواجهة، وطرح الاسئلة على الذات المصرية عن سبل النجاح في افشال مخطط الاخوان وحلفائهم من دول المنطقة والاقليم والعالم.
وحتى تكون المحاكاة للذات المصرية بكل مكوناتها الوطنية واقعية ومسؤولة على الشرعية واجهزتها الأمنية الاقرار بالتالي: اولا الاعتراف بوجود قصور كبير في أخذ الاحتياطات الأمنية حول المواقع العسكرية؛ ثانيا فشل القائمين على ملاحقة جماعة الاخوان المسلمين وانصار بيت المقدس وحماس وداعش، رغم النجاحات النسبية، التي تحققت خلال الفترة الماضية؛ ثالثا التخلي عن الأساليب التقليدية المتبعة في مواجهة الجماعات الارهابية؛ رابعا توسيع انتشار القوات المسلحة في سيناء كلها، ووقف البنود الواردة في اتفاقية كامب ديفيد، التي تحول دون تحرك القوات المسلحة المصرية والقوات الجوية بحرية في الأجواء والأراضي المصرية، لا سيما ان المدة الزمنية الفاصلة بين التوقيع على الاتفاقية واللحظة الراهنة تسمح لمصر باعادة نظر في البنود الأمنية الواردة في الاتفاقية المذكورة؛ خامسا الاقرار بضرورة إعادة نظر جدية في العلاقة مع المواطن المصري بقطاعاته وشرائحه وطبقاته المختلفة، بهدف الارتقاء بوعيه ليكون شريكا في الدفاع عن الشرعية الجديدة، التي أصلت لها ثورة الثلاثين من يونيو 2013، والتخلي عن اللغة والخطاب، اللذين يبعدانه ولا يقربانه من النظام السياسي؛ سادسا التخفيف من حدة الأزمات، التي تطال المواطن في لقمة عيشه؛ سابعا إحداث ثورة في الخطاب الديني ليواكب روح العصر، وتجسيد ما نادى به الرئيس عبد الفتاح السيسي.
المواجهة الشجاعة للجماعات التكفيرية، تحتاج الى المكاشفة الجريئة مع الذات، ووضع الاصبع على الجرح، وعدم التغطية عليه او طرح المبررات والذرائع غير الواقعية لتبرير او التخفيف من حجم المسؤولية الملقاة على عاتق المسؤولين عما حصل. وبمقدار ما تحاكي القيادات السياسية والأمنية مكامن الخلل في المواجهة مع تلك الجماعات، بمقدار ما يمكن إصلاح جزء كبير من تلك الاخطاء والمثالب. الكرة في مرمى الاجهزة الأمنية وقيادة الجيوش المصرية وقيادة النظام السياسي.