ما ننتظره من قضاء مصر العربية - موفق مطر
كنا سنعتبر قرار محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة اعتبار كتائب القسام جماعة ارهابية سابقة في تاريخ حركة التحرر الوطنية الفلسطينية لو ان حماس فكت عروتها الوثقى من جماعة الاخوان المسلمين والغت النصوص المثبتة لهذه التبعية من ميثاقها ، واعتبرت نفسها فعلا لا دعائيا وحسب جزءا لا يتجزأ من حركة التحرر الوطنية الفلسطينية ، واعلنت الانتماء والولاء لشعب وأرض فلسطين فقط ..لكن قيادة حماس التي اصاب اذنيها الوقر ولم تستمع لنصائح الأشقاء الوطنيين ، والأصدقاء المخلصين، فتورطت وانخرطت في المشاكل الداخلية لأقطار عربية وتحديدا مصر العربية فجنت على نفسها وعلى كتائبها وعلى الشعب الفلسطيني وعلى هذه المرحلة من كفاحه الوطني .
لم يحدث في تاريخ صراعنا ونضالنا وكفاحنا ضد الاحتلال الاسرائيلي والمشروع الصهيوني، وتوابعه من الصراعات الثانوية مع انظمة عربية ان قضت محكمة عربية اعتبار جناح عسكري من اجنحة حركة التحرر الوطنية الفلسطينية تشكيلا ارهابيا او مخالفا للقانون ، رغم علمنا بحداثة هذا المصطلح . فأجهزة قضاء الحكومات العربية التي قررت الاصطدام معنا خلال سنوات الكفاح المسلح وعقود تلتها ، لم تجرؤ على اصدار قرارات وأحكام قضائية بحق فصيل فلسطيني مقاوم ، رغم لجوء اجهزتها الأمنية لاعتقال قيادات ومناضلين عسكريين وسياسيين والاشتغال على اختلاق مبررات لإجراءاتها ، وتسويقها لدى الرأي العام المحلي والعربي ، رغم قناعتنا ان هذه الأجهزة ما كانت تهتم لهذا الرأي العام ، ولا تقيم له وزنا .
ما كان لمحكمة عربية اصدار حكم قضائي كالقرار الصادر عن ( محكمة الامور المستعجلة )بالقاهرة لولا قناعة الجهاز القضائي في مصر العربية بالبينات والأدلة المقدمة اليه ، ولو قناعة القيادة السياسية بمصر العربية بأن تدخل حماس وجهازها العسكري بشؤنها وامنها وسيادتها قد بلغ حدود الصبر والعض على الجراح .
نعتقد يقينا أن القضاء في جمهورية مصر العربية مستقل ، وما قراراته اعتبار جماعة الاخوان المسلمين ارهابية رغم عضوية مئات آلاف ( المصريين ) بهذه الجماعة ، الا ارتكازا على جرائم أعضاء الجماعة ، ومفاهيمها ، ومخططاتها لتدمير وتفكيك اركان وطنية ودولة المصريين ، وارتباطها الوثيق بجبهة اعداء مصر، لذا فانه لن يأخذ أي اعتبار في الحسبان غير اعتبار امن وسيادة واستقرار مصر وشعبها، فالدفاع عن القرار الوطني المستقل ، وامن الشعب الفلسطيني حق مارسناه ونمارسه بكل قوة ، ولا نسمح أحد بالتدخل في شؤننا حتى لو كان مظللا براية تحرير القدس ، فثلما ننكر على احد التدخل في شاننا الداخلي والعبث بأمننا مهما كانت مبرراته ، فلا يجوز نكران حق مصر في الدفاع عن سيادتها وامنها واستقرارها أيا كان المشبوه او المتهم ، فأمن مصر من امن فلسطين، وامن فلسطين من امن مصر ، ويجب ان يتذكر الجميع خلافنا مع حماس لاحتكارها قرار الحرب والتحكم بمصائر ملايين الفلسطينيين ، وتعارض قراراتها وتوجهاتها وتحالفاتها وعملياتها مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني ، وبرنامج منظمة التحرير الفلسطينية السياسي، وكذلك تدخلها في شؤن بلدان عربية كسوريا ومصر .
ننتظر من القضاء المصري واجهزة امن مصر العربية السيادية ما يبرهن على صحة مستندات هذا القرار ، لأننا ومع اختلافنا مع حماس وصراعها المفروض على ( الوطنيين الفلسطينيين) الا اننا لا نستطيع اخفاء شعورنا بالألم ، بسبب عقوق قادة حماس السياسيين والعسكريين الذين لم يكفوا عن الافصاح عن ارتباطهم العضوي بجماعة الاخوان المصنفة ارهابية بوقاحة ، واصروا حتى اللحظة الأخيرة على استعداء معظم قوى الشعب الفلسطيني السياسية ، والأشقاء العرب ، بجرائم مهدوا لها بفتاوى تكفير وتخوين ، وشكلوا حاضنة لجماعات ( اجرامية ارهابية ) حتى بات قطاع غزة ( مصنعا ) لتكرير واعادة تدوير هذه الجماعات ، في نظر كثير من الدول واقطار عربية تخشى وباء الارهاب الاجرامي الطائفي والمذهبي ..ولا نحتاج لتأكيد موقف قيادة وشعب مصر من قضيتنا وشعبنا عموما ، فنحن ندرك مكانة فلسطين وشعبها وقضيتها في عقل وقلب كل مصري ، كما يدرك الأشقاء المصريون مكانتهم في قلوبنا وعقولنا ، وغضبنا على الذين يمسون امن مصري أو عربي واحد ، فالروح الانسانية عندنا مقدسة ، والوطن اغلى ، كما عند المصريين والعرب كافة .