البطالة والفقر ومستقبل الشباب المدمر ..- د.مازن صافي
جلست ليلة أمس مع خبير في الإحصاء وتحدثنا في كثير من المعلومات الإحصائية في فلسطين، وحين سألته عن وضع البطالة في فلسطين عامة وقطاع غزة خاصة، حدثني أن البطالة تشكل هاجساً حقيقيا وخطر محدق بكل الحياة الفلسطينية، وقال أن أعلى معدلات بطالة سُجلت للفئة العمرية بين 15 و24 عاما، حيث بلغت 45.6% في الربع الأخير من 2014، وتوقفت كثيراً عن هذه الفئة العمرية، والتي تعني الفئة الشبابية المنتجة في المجتمع "معطلة" وبمعنى آخر في طريقها إلى التدمير النفسي، وتضيق بها السُبل، والأسوأ أن أكثر من 50 % من الفلسطينيين في قطاع غزة يعيشون تحت خط الفقر، وهذا بالرغم من كل البرامج الاغاثية المقدمة للسكان، وتبدو هنا البطالة واضحة أسبابها إن نظرنا إلى إحصائية البطالة في قطاع غزة عنها في الضفة الغربية، فمعدل البطالة في قطاع غزة يصل إلى 47%، بينما بلغ في الضفة الغربية 17، مشيرا إلى أن التفاوت ما زال كبيرا في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وسجلت محافظة بيت لحم (وسط الضفة الغربية) أعلى معدلات البطالة في الضفة الغربية وبلغت 22.7%، بينما سجلت محافظة دير البلح أعلى معدلات البطالة في قطاع غزة بمعدل 49.9%، وهذا على الرغم من أن نسبة الفلسطينيين الذين هم تحت خط الفقر في الضفة وصلت إلى 19% بسبب رفع الحصار الدولي عن السلطة الفلسطينية هناك، وسجل استمرار الحصار الشامل على قطاع غزة تحدي إضافي أمام الدول المناحة وحكومة التوافق الوطني وكافة البرامج الإغاثة والتشغيل.
إن مستقبل الشباب الفلسطيني قد تلاشى ولن يكون لهم أي مستقبل اقتصادي في ظل الأوضاع السائدة، وفي حال استمرار الوضع العام في قطاع غزة، فهذا يعني أن أي طفل يتنقل من المرحلة الابتدائية الأساسية إلى المرحلة الإعدادية سوف يصبح مستقبله مهددا أيضا لأن الإحصائيات التراكمية للبطالة عن العمل من بين الخريجين، لن تفتح مجالا لهؤلاء الأطفال، وهذا يعني أن المجتمع الفلسطيني يحتاج إلى برامج عمل خارجية بجانب فتح آفاق العمل في المدن الفلسطينية.
وأخير للخروج من هذا التدمير الاقتصادي والمجتمعي، يجب استقرار الوضع السياسي في فلسطين، وهنا يتوجب أن تنتهي مأساة الانقسام وتدعيم برامج المصالحة ووحدة ودمج المؤسسات وفتح آفاق العمل وتمكين حكومة التوافق الوطني من العمل في كل المؤسسات والوزارات في دولة فلسطين، وكما يجب معالجة آثار وتداعيات العدوان الإسرائيلي المتكرر والإجرامي على قطاع غزة، وصولا إلى حيث أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أدى إلى توقف الإنتاجية في كافة الأنشطة الاقتصادية، حيث تم تقدير الخسائر الاقتصادية الأولية بحوالي خمسة مليارات دولار أمريكي، وهنا يجب أن يكون هناك حماية دولية لمنع أي عدوان مجدد على قطاع غزة، ووقف عمليات القرصنة الاقتصادية على الأموال الفلسطينية، وكما يجب تكثيف دعم برامج ذات طابع صناعي وتنموي وخلق فرص عمل حقيقية ومستقرة للشباب الفلسطيني، ومنح القطاع الخاص برامج اقتصادية بحيث تستطيع استيعاب مزيدا من القوى العاملة، وكما يجب على جامعة الدول العربية والدول الإسلامية استيعاب أعداد من الخريجين والبطالة والعمال من قطاع غزة والضفة الغربية، بحيث يكون هناك توازن في معدلات البطالة والفقر، وكسر تلك النسبة المرتفعة والأعلى عالميا للفقر والبطالة المسجلة في فلسطين .