*"بوغروم" حوّارة اقتحام فاشيّ وحشيّ منظّم
محمد علي طه
تاريخ لن ينساه شعبنا. أبدا لن ينساه. خمس ساعات بدأت في أصيل يوم الأحد السّادس والعشرين من شهر شباط من عام 2023، تاريخ شبيه تماما بتواريخ دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا، وتواريخ أخرى لا تُنسى.
المكان، حاضنة الزّمان، بلدة فلسطينيّة جميلة مثل شامة على عنق الوطن، يزيّنها نوّار اللوز الأبيض في شهر شباط، اسمها حوّارة، ومعناها البياض باللغة السّريانيّة، ومن الحوّارة الحواريّون تلاميذ عيسى عليه السّلام ورفاقه، والحوّارة عند الفلّاح الفلسطينيّ تربة بيضاء لزجة وهي تسمية "تصدق على تراب المكان الذي تقوم عليه هذه البلدة" الصّامدة مثل صخور جبل النّار كما يذكر العلّامة مصطفى مراد الدّبّاغ في موسوعته "بلادنا فلسطين"، وفلسطين كما كتب المؤرّخ الكبير الطّبريّ "تعدل الشّام كلّها".
أربعمائة مستوطن عنصريّ متوحّشون يغزون البلدة الجميلة الوادعة في ذلك الأصيل، ويحرقون البيوت الجميلة والسّيّارات المركونة أمام البنايات، والحوانيت الزّاخرة بالموادّ الغذائيّة والأدوات الكهربائيّة.
يحرقون الأزهار في حدائق البيوت.
يحرقون الشّجر والحجر والثّمر والبشر.
يحرقون ويصرخون فرحين بساديّة وبهيميّة.
يحرقون متلذّذين بصراخ الأطفال في أحضان أمّهاتهم.
يحرقون مسرورين باستغاثات النّساء المرعوبات من لظى النّار ومن الوحوش البشريّة.
يحرقون غير آبهين بأصوات الشيوخ الذين يكبّرون ويستنجدون بالله تعالى.
قتلوا شابّا فلسطينيّا، وسط عوائهم، لأنّه عربيّ فلسطينيّ، وهذه تهمة خطيرة!
سمعتُ وأنا هنا في الجليل طفلا فلسطينيّا اسمه باسل عودة يصرخ ويستغيث، وسمعتُ وأنا هنا في روابي المثلّث طفلة اسمها سلوى الصّميدات تنادي أهلها وتستغيث، وسمعتُ عجوزا اسمها خديجة الخموس تصرخ وتقول أين أنتم يا عرب؟!
أربعمائة مستوطن متوحّش حاقد اقتحموا حوّارة اقتحاما وحشيّا فاشيّا منظّما بينما عساكر الاحتلال الرّابضون على صدر حوّارة ينظرون ويتفرّجون.
بوغروم حوّارة، بوغروم السّادس والعشرين من شباط لن ننساه.
آباء وأجداد هؤلاء الذّئاب الصّحراويّة يتحدّثون عن "ليلة البلّور" وأمّا أحفادهم فيستنسخونها في حوّارة. ليلة السّيّارات المحروقة، ليلة البيوت التي كانت وسنانة، ليلة المطاعم والمخابز وحوانيت الفواكه والخضار التي حرقوها في حوّارة، ليلة الصّيدليّات وحوانيت الأجهزة الكهربائيّة التي حوّلوها إلى رماد، ليلة الحريق، ليلة بوغروم حوّارة.
فعل الوحوش في حوّارة ما يرغب به الأسياد الفاشيّون.
قال سموتريتش وزير الماليّة في حكومة نتنياهو، ووزير كتائب المستوطنين مؤيّدا هؤلاء الوحوش: "يجب إزالة حوّارة من الوجود" وعندما احتجّ العالم على تصريحه الفاشيّ الدّمويّ أصدر تصحيحا مخزيا "يجب أن تزيلها الدّولة وليس الفوضويّون".
يا للعار!
يا سموتريتش! حوّارة لن تزول عن الوجود، وأهل حوّارة لن يزولوا عن الوجود، وأمّا الاحتلال فمهما عربد وطال عمره فهو زائل زائل زائل.
بوغروم حوّارة ينتظر لجنة تحقيق قضائيّة.
*تعني استهداف الأمنين بأعمال الشغب العنيفة