مَن قَتل رجال الصهريج - د.مازن صافي
ماذا أصابنا، وكيف نقف على مسافة فصل بين الفعل ورد الفعل ، وماذا ينتظرنا، وكيف السبيل إلى المعالجة، تساؤلات تعيدنا إلى قراءة الرواية المبدعة والتي تحكي لنا كيف اختنق الرجال تحت الشمس، ونقش غسان لنا الحكاية لتبقى حاضرة في العقول والذاكرة، ولتمنحنا الوقت لنتمعن في حكمة ما بعد الحدث، ومات الرجال تباعا في الصهريج الذي كان وسيلة نقلهم لبلاد أخرى، يبحثوا فيها حياة كريمة، واستسلموا لمصيرهم، وماتوا واحداً تلو الآخر، ولم تكن الشمس هي المتهمة الأولى والرئيسة، بل كان عجز إرادتهم وعدم قدرتهم على التفكير سببا آخراً، ولربما نصاب جميعا في أوقات ما بنفس ما أصابهم، فإن كان قدرنا الجميل أن نُمهل وقت إضافي أو مساحة من المساعدة لكي نخرج من المأزق فسوف ننجو، أما إن ضغط علينا الوقت وبقينا مشدودين خارج النص، فهذا شأن آخر، وإن تجاهلنا ظروفنا وحرقة الشمس وتعامدها فوق الصهريج الساخن فهذه مسؤوليتنا .
حكايتنا أننا ندخل في منعطفات خطيرة، ونواجه مصير صعب، ومطلوب منا أن نفكر ونحدد أولياتنا ونتمثل لقيادتنا الذاتية لكي لا ندخل في متاهة الضياع أو الفوضى أو عبثية المواقف، ولهذا على كل منا أن يقف أمام نفسه، ويعيد قراءة قناعاته، ويتحمل مسؤوليته لكي لا يصاب بداء الشكوى، أو الضيق والإحباط الذي سوف يدخله مباشرة ومرة أخرى إلى مربع التوهان والفراغ، والنتيجة هي مزيدا من القلق والسلبية وعدم القدرة على فعل أي شيء، والفشل .
في النهاية يقال أن الإنسان حكيم نفسه، والعاقل من يُحسن الاختيار، وكل إنسان مسئول عن تصرفاته وقراراته، ويجب ألا نصنع شماعة وهمية سرابية لنعلق عليها أخطاءنا وتصرفاتنا، وننتظر لحظة الحقيقة التي نسمعها دوما من أعماق ضميرنا، ونتجاهلها فتقع الكارثة.