اميركا بين "الصبر الإستراتيجي" والشبح ! بكر أبو بكر
قد لا تشعر اميركا بأي تهديد سراطي (استراتيجي) من تنظيم (داعش) الارهابي المتطرف، وتنظر بثقة أكبر في التعامل مع المتغيرات في منطقتنا العربية والإسلامية، فما دام الكلّ يقتل الكل، والمصالح الغربية مؤمنة فأين التهديد؟.
هذا ليس تحليلا متحاملا أبدا وإنما تحليل مرتبط بالدور الامبريالي الاستعماري الذي هو أصل التوسع في الفكر الرأسمالي الغربي، اذ يعتمد في فكرانيته (أيديولوجيته) على رصف الطريق عبر عقلية الاستعمار لتغول الرأسمالية التي تحول الشعوب الى أسواق استهلاكية والى أمم خانعة، لا بل وتجد لهذا التحليل من الدلائل الكثير من أفواههم.
"جيمس جيفري" سفير الولايات المتحدة السابق في العراق وتركيا والزميل في معهد واشنطن في شهادته أمام الكونغرس الاميركي -كما يثبتها معهد واشنطن بتاريخ 22/2/2015 - يدين أو ينتقد الإدارة الاميركية علنا لأنها لا تعتبر (داعش) خطراً استراتيجيا، وهو إذ يؤكد ذلك بالقول انني (لا أعتقد أن حملة "الصبر الاستراتيجي" ملائمة) وهي السياسية الاميركية تجاه (داعش) كما يرى، ليحدد أنه (يجدر بالولايات المتحدة أن تخوض المزيد من المجازفات لكي تسرع من العمليات الهجومية ضد "داعش"، ومن الضروري أن تتكلل هذه العمليات بالنجاح حين تبدأ من أجل الحفاظ على زخم الانتصار ... ) لكنه يستطرد معلقا وبشيء من نفاد الصبر والاستهجان لتصرفات الإدارة الاميركية هذه، لماذا؟ يجيب لأنها: (غالبا ما يبدو أنها تطبق مبدأ "الصبر الاستراتيجي" في هذا النزاع، حيث تحدّ من الموارد العسكرية التي تسخرها للعملية ... ).
وهو إذ يتنبأ بصعود تنظيم جديد بعد داعش !! فإنه مع نقده يوضح أسباب " الصبر الإستراتيجي" لاميركا من خلال ضرورة تقسيم العراق أولا ؟! فيما يدعو له باللامركزية في العراق على غرار ما هو حاصل في كردستان مطالبا بعكس ذلك على المحافظات السنية والشيعية كما يقول. أي انه وهو ينتقد " الصبر الإستراتيجي" يطالب: التصدي لـ"داعش" لكن في إطار صيانة المصالح الاميركية والتي تأتي من تقسيم العراق أولا ومن ايجاد نسخة جديدة من داعش ثانيا ومن تقاسم النفوذ بوضوح مع إيران (بعد انهاء داعش).
ولتأكيد هذا المسعى التفكيكي يقول كل من (مايكل نايتس) و(فيليب كيث) و(بي جي دريمر) في تقريرهم أيضا كما ينقل موقع معهد واشنطن ان الخوف ليس من "داعش" لماذا ؟ يقولون: (لأنه سيتم دحر تنظيم داعش في نهاية المطاف) (؟!) عارضين عدوا بديلا؟ حيث يتساءل الثلاثة (ماذا لو هزمنا داعش وخسرنا العراق في طور ذلك ؟), مشيرين لدور المليشيات الشيعية الإرهابية كما وصفوها ودور إيران في العراق وسوريا وغيرهما حيث يقولون نصا: (تجد الولايات المتحدة اليوم نفسها في خضم حرب حيث يتعين عليها طرح أسئلة صعبة حول كيفية انتهاء الحرب، وسبب خوضها، وهوية حلفائها، وكيف سيتصرف هؤلاء الحلفاء بعد انتهاء النزاع. ومع أن المعركة الجارية في العراق تستحق العناء، إلا أنها معقدة وتزداد تعقيداً في ضوء النفوذ الإيراني المكثف).
وحيث لا تبغي أميركا صاحبة " الصبر الإستراتيجي" والتي تستطيع القضاء على "داعش" بيسر، بشهادتهم أنفسهم، لا تبغي (خسارة العراق لصالح ايران) ما يعني (خسارة شريك إقليمي حيوي) ممثلا بالعراق، في تحذير كبير للثلاثة من (الجهاد الشيعي الذي ترعاه إيران في المستقبل المنظور)، ما يعنى بوضوح أن العدو الجديد للولايات المتحدة الاميركية قد يكون يتم الترتيب لصناعته ثم لإطلاقه ضد هذه المليشيات الشيعية الموصوفة أو غيرها، وبالتالي ستكون إيران التي يسميها دريمر (الشبح الأكبر) (ذي الهيمنة الخبيثة) العدو المتوجب التحشيد لقتاله وبالتالي السعي الحثيث لتدميره.