"اختيار العمى"
اختار الاسرائيليون ما اختاروه بانتخابات ديمقراطية، وليس هذا من شأننا، مع ان هذا الشأن هو الذي جعل اليمين القومي المتطرف يحوز على هذه النتيجة الكبيرة بعدما خاض هذه الانتخابات بتحريض وشعارات عنصرية ليست معادية للعرب فحسب، بل ومناهضة للسلام وفرصه الممكنة، لقد دخل بنيامين نتنياهو سباق الانتخابات من باب الاستيطان ورفض حل الدولتين، وأكثر من ذلك تعهده بالعمل لمنع قيام الدولة الفلسطينية، في الوقت الذي اعتبر فيه وبصورة سافرة، الناخب العربي في اسرائيل خطرا على الدولة، محرضا انصار اليمين كي يسدوا الطريق عليه حتى لا يصل ممثلوه الى الكنيست بعدد من المقاعد تؤهلهم لدفاعات اجدى عن حقوق أهل البلاد الأصليين في المساواة والعدالة الاجتماعية والانسانية..!!
لكن ما الذي اختاره الاسرائيليون بغالبية مقاعد اليمين المتطرف، اقرأوا ما كتبه الصحفي الاسرائيلي "اري شبيط" في "هآرتس" كتب يقول: (في خطوة شرعية عرفت اسرائيل نفسها ثانية كاسرائيل نتنياهو - سبق استخدمنا هذا المصطلح هنا في الحياة الجديدة- مع ذلك فان ما حدث هو الكارثة، لقد كانت أمام اسرائيل فرصة لحرف المقود في اللحظة الأخيرة، قبل اصطدامها بكتلة جليد اللاشرعية، لكنها قررت الاصطدام بها. كانت هناك فرصة لمنع مواجهة سياسية شعبية فلسطينية، لكن اسرائيل اختارت المواجهة. بعيون مفتوحة اختارت العمى، وبرأي واضح اختارت النشوة. عندما تسفك الدماء هنا سيحدث ذلك لأن الغالبية الجديدة- القديمة اختارت عدم رؤية الفلسطينيين والمستوطنات والاحتلال. عندما ستضربنا العقوبات، سيحدث ذلك لأن الغالبية الاسرائيلية الجديدة- القديمة تنكرت لروح العصر.. انتصار نتنياهو ليس خطيئة وانما عقاب. عقاب لأننا أظهرنا اللامبالاة والعجرفة، عقاب لأننا كنا سطحيين وفارغين) وأكثر من ذلك ثمة عويل في مقالة شبيط، عويل يناسب هذه (الأزمة الرهيبة) التي يرى آري شبيط انها تشكل (وصية عمل) و (بعد فشلنا المخجل في انتخابات 2015. يجب بدء المعركة القادمة فورا. لا نملك سنة أو شهرا أو حتى أسبوعا ويوما للانتظار. بل يجب البدء فورا).
يبقى ان نقول: هل الاستشهاد هنا بنص اسرائيلي عن طبيعة الانتخابات الأخيرة ونتائجها هو تدخل في الشؤون الداخلية الاسرائيلية ...!! قد ترى اسرائيل نتنياهو ذلك، طالما انها رأت في التعاطف الفلسطيني الطبيعي مع القائمة العربية المشتركة، تدخلا في الانتخابات الاسرائيلية...!! للعنصرية خبل اللغة وتخريجاتها المتعجرفة، التي لا ترى ان الاحتلال هو أبشع اشكال التدخل في الشؤون الداخلية الفلسطينية، وأكثرها عنفا وعدوانية، بل هو التدخل الذي لا يريد سوى العبث والدمار للشعب الفلسطيني وتطلعاته العادلة والمشروعة في الدولة الحرة المستقلة بعاصمتها القدس الشريف، ولا يرى نتنياهو ذلك ولا يريد ان يراه، وحقا بعيون مفتوحة لقد اختار العمى.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير