محاولة تقدير موقف - فتحي البس
انتصر نتنياهو وتحالفه اليميني المتطرف في الانتخابات الاسرائيلية وأعلن عن دفن مشروع حل الدولتين.
توحدت قوى وأحزاب العرب داخل الخط الاخضر وأصبحت القوة الثالثة في الكنيست.
أميركا تتجاوز حلفاءها باعتماد ايران كقوة اقليمية يمكن التعاون معها لحفظ مصالح الولايات المتحدة في الاقليم وتغض النظر عن سيطرة ايران على العراق واليمن ولبنان وسوريا من خلال القوى المتحالفة معها وتتوصل الى اتفاق مضمر حول الشراكة المستقبلية.
الاقليم يشتعل بنار حرب تبدو طائفية لكنها بالأصل والواقع سياسية.
الدول الاوروبية حائرة ومرتبكة وعاجزة عن اتخاذ مواقف تباعد بينها وبين الولايات المتحدة. تظل حليفا تابعا للولايات المتحدة وإن بإعلان مواقف خجولة مختلفة.
روسيا تدير معركتها مع الولايات المتحدة بذكاء وبكفاءة، وتحقق اهدافها في اوكرانيا وتربك خطط خصومها ولا تكترث بالعقوبات وتتربص لتحقيق اهدافها بالاقليم تاركة الولايات المتحدة تقترب من مواقفها في سوريا والعراق مضطرة ولا أظنها ستتركها تجني ثمار المواقف المشتركة.
الصين، دولة عظمى لها مصالحها الخاصة وخططها للدفاع عن مصالحها الحيوية في العالم، تصمت وتناور وتتحرك بهدوء في كل مناطق الصراع بالعالم، وتبني تحالفات تضمن لها نموا عسكريا واقتصاديا دون ضجة أو انخراط في المعارك الساخنة،لكنها في مرحلة ما، ستختار موقعها في الصراع، وفي الظن أنها لن تكون في صف الولايات المتحدة.
الاخوان المسلمون يخسرون ما ادعوه لقرون طويلة انهم اصحاب المشروع السياسي الاسلامي القادر على ملء الفراغ في المنطقة وتمثيل المسلمين في العالم ويصبحون أمام داعش والدولة الاسلامية والقاعدة.. بلا حول ولا قوة ويلهثون وراء تحالفات تبقي لهم ما يمكن من دور ويتعرضون لأسئلة وجودية من داخلهم وخارجهم يعجزون عن الاجابة عليها.
دول الخليج العربي تكتشف فجأة أنها تتعرض للخيانة من حلفائها، وتجد السعودية نفسها امام تحد خطير يحفظ لمجلس التعاون وحدته في ظل اختراق لأمنها وعدم اتخاذ بعض دول المجلس مواقف حاسمة تدعم سياساتها،وتحقيق ايران، مكاسب توجع خاصرتها وتحاول اعادة ترتيب أوراقها دون تحقيق رؤيا واضحة حتى اللحظة فما يجري مفاجئ ومربك.
مصر، العمود الفقري للأمن القومي العربي، تتعرض لطعنات من كل الجهات لاضعافها وارباكها لكي تعجز عن القيام بدورها في الاقليم وتحاول ان تتصدى بخلق ارض صلبة تقف عليها.. لكنها تحتاج الى وقت يبدو طويلا حتى تكون قادرة.
بقية الدول العربية في وضع من يتلمس طريق النجاة، عينها على ما يجري دون قدرة على التأثير الفعلي، وتنتظر ان ينجلي الموقف دون خسارات فادحة ان هي اتخذت مواقف غير محسوبة بدقة.
فلسطين تدفع الثمن.. توحش اسرائيلي، موقف دولي ممزق، وضع عربي هلامي وجسده مثخن بالجراح، انقسام ينتظر اللحمة اذا اقتنعت حركة حماس بعدم جدوى الرهان على تغير موازين القوى في الاقليم فتتخلى عن مشروع الدولة في غزة وتقتنع أن الوحدة هي من يؤمن لها المستقبل والتأثير والسلامة، ويظل لمنظمة التحرير الفلسطينية وقيادتها أن تقود السفينة في ظل أمواج عاتية بسياسة تنقذ الفلسطينيين ومشروعهم الوطني من الضياع.. بالصبر على ظلم ذوي القربى وعدم التزام العالم بالعدالة وتحصين وضعها ببذل كل الجهود لتوحيد الموقف الفلسطيني ليكون طوق النجاة للجميع.