سيناريوهات الرد الاميركي - عمر حلمي الغول
فوز نتنياهو في الانتخابات الاسرائيلية ب30 مقعدا في الكنيست العشرين، والاعتقاد بانه سيكلف بتشكيل الحكومة القادمة، لم يكن فآل خير لاسرائيل، بل نذير شؤوم، لان زعيم الليكود، تفوه بتصريحات عنصرية وعدائية للعرب ومعادية لخيار السلام وحل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967. وهذا ما إعتبره الرئيس اوباما واركان ادارته أمراُ غير مقبول، لا بل مرفوض، لانه احرج الولايات المتحدة الاميركية، وأضعف دورها ومكانتها امام العالم وخاصة امام الفلسطينيين والعرب. لاسيما وان اميركا مارست الضغوط على القيادة الفلسطينية لمجرد دفاعها عن حقوق شعبها بذهابها لمجلس الامن والانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لملاحقة القيادات الاسرائيلية. وكادت تحمل قيادة منظمة التحرير والرئيس محمود عباس "مسؤولية فشل" العملية السياسية. رغم ان ساكن البيت الابيض وطاقمه، يعلمون بان حكومة نتنياهو الحالية، هي التي تتحمل المسؤولية كاملة عن فشل وتدهور التسوية السياسية. وجاءت التصريحات الاخيرة لزعيم الليكودعشية الانتخبات الاسرائيلية يوم 17 آذار الماضي لتؤكد لاوباما بشكل قاطع، ان بيبي وليس احد غيره، من يتحمل المسؤولية عن ذلك، حتى انه، اشار في تصريح له، ان نتنياهو لم يكن صادقا كما في تصريحه المتعلق بمنعه إقامة الدولة الفلسطينية في حال تم التجديد له لقيادة الحكومة القادمة.
هذا الموقف للقطب الاسرائيلي اليميني المتطرف الاوفر حظا في قيادة الحكومة القادمة وضع الادارة الاميركية امام خيارات صعبة، اما ان تصمت وتبلع الموس او ان تدافع عن توجهاتها وسياساتها كراعي لعملية السلام، وتؤكد دعمها لخيار حل الدولتين على حدود يونيو 1967، وبالضرورة الدفاع عن مصالحها الحيوية في المنطقة. لم يكن، ولن يكون الصمت مجديا، ولا مفيدا للولايات المتحدة، وسيسقط من يدها آخر ورقة يمكن ان تبرر فيها دورها كراعي لعملية السلام، الامر الذي دفع الرئيس الاميركي واركان إدارته اولا لاعلان الاستياء من مواقف نتنياهو العنصرية والمعادية للعرب ومن خيار حل الدولتين؛ ثانيا مطالبته بالتراجع عن تلك التصريحات، وتوبيخه في اثناء الاتصال الهاتفي معه لتهنئته بالفوز. رغم الاعلان الصريح من قبل الناطق باسم البيت الابيض ووزارة الخارجية، اللذين إعتبرا، ان تصريحات زعيم الليكود كالطلقة خرجت، وباتت ملك الرأي العام العالمي وليس فقط قطعان المستعمرين وانصار في المجتمع الاسرائيلي، او كما قال احد كتاب الرأي الاسرائيليين، ان نتنياهو قرع الجرس، والجميع سمع صوته. ثالثا الامر الذي دفع الادارة الاميركية للتفكير بلجم السياسات الاسرائيلية لحماية خيار الدولتين على حدود الرابع من حزيؤان 67، وحماية بعض مصداقيتها امام نفسها والفلسطينيين والعالم، وايضا لكبح الطيش والرعونة الاسرائيلية، التي تهدد السياسات الاستراتيجية الاميركية في المنطقة العربية.
حتى الان لم تعلن الولايات المتحدة ماهية الخطوات، التي ستتخذها لضبط إيقاع السياسات الاستعمارية والعنصرية الاسرائيلية. لكن هناك بعض المراقبين، يستحضرون ما حصل في العام 1975، عندما حصلت ازمة في العلاقات الاميركية الاسرائيلية فترة حكم الرئيس الاميركي الاسبق جيرارد فورد، حين إتخذت انذاك خطوتين، الاولى تأجيل ارسال صفقات الاسلحة المتفق عليها بين الدولتين لخمس سنوات؛ الثانية رفع الحماية والغطاء عن اسرائيل في المنابر الاممية وخاصة مجلس الامن. وهو ما يعني امكانية إصدار قرار اممي لحماية خيار الدولتين وعملية اسلام، والتأكيد على ان الاستيطان الاستعماري في القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، غير شرعي، وثالثا تسهيل إصدار قرار اوروبي بتوسيع قاعدة العقوبات ضد الدولة الاسرائيلية، مما يفتح الافق نحو اتخاذ سلسلة قرارات في منابر اممية اخرى، تزيد من عزلة إسرائيل وفق معايير الولايات المتحدة، التي لن تسمح بالاستفراد باسرائيل، لكنها في الوقت ذاته، تريد لي ذراع نتنياهو وفريقه اليميني المتطرف، وإعادته إلى جادة التسوية السياسية.
الحزب الجمهوري اعلن على لسان السيناتور جون ماكين عن دعم نتنياهو، واكد انه سيتصدى لاية خطوات، قد تتخذها ادارة اوباما. مع ذلك، فإن ادارة اوباما ستلجأ لسياسات عقابية لن تكون في مصلحة نتنياهو ودولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية. وقادم الايام سيميط اللثام عن تلك الخطوات.