إسرائيل انحدار مستمر للتطرف - بسام صالح
نتائج الانتخابات في اسرائيل لم تحدث اي تغيير او تحول في طبيعة السياسة الاستعمارية الاحتلالية الاجلائية لهذه الدولة. الجديد هو نجاح القائمة العربية المشتركة وحصولها على 13 مقعدا في الكنيست لتصبح القوة الثالثة. وهي تاكيد ايضا على فشل المخطط الصهيوني باقامة الدولة اليهودية حكرا على هذه الديانة. الفلسطينيون حاملي الجنسية الاسرائيلية يشكلون اكثر من 20 % من تعداد السكان، وتواجدهم في الكنيست سيكون احد عوامل قوتهم في الدفاع عن حقوقهم المدنية والسياسية في كافة المجالات. وحدة القائمة العربية مثالا يجب ان نحتذي به في كافة اماكن تواجدنا خاصة في فلسطين المحتلة فوحدتنا هي قوتنا وطريقنا للحرية. فوز الليكود بزعامة نيتنياهو، الذي كذّب كافة استطلاعات الراي التي سبقت ورافقت عملية فرز الاصوات حتى اللحظات الاخيرة، واثبت ان المجتمع الاسرائيلي، تحكمه معادلات وهمية ترتكز اساسا على نظرية الامن والخوف الدائم، وهذه ليست مجرد هاجس لهذا الحاكم او ذلك الرئيس، انها واقع يجب دراسته اجتماعيا ونفسيا لمعرفة مدى تاثيرها في تحديد سياسة الدولة الاسرائيلية خاصة في ما تبقى من امل بعملية سلمية لحل الصراع المئوي الاسرائيلي الفلسطيني/ العربي. الناخب الاسرائيلي اعطى الافضلية للمراوحة في المكان ودعم سياسة نيتنياهو العنصرية المتطرفة، ومنحه وحلفائه من المتطرفين امثال ليبرمان، تكليفا بالاستمرار في سياسة الاستيطان والقتل والتهويد والتهجير. ورفض الشرعية الدولية بما فيها الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. وهذا لا يعني ان الوضع مع هرتزوغ " الحلف الصهيوني" كان سيكون افضل، فالرسالة تقرأ من العنوان والاسم له دلالاته التاريخية، ولكنه بلا شك كان اشارة مختلفة تحمل نوع اقل من عدم التسامح واقل عدوانية على الرغم من تساوي الخطورة بينه وبين الليكود: هناك من يقوم بقتل الفلسطيني بالرصاص وهناك من يستعمل السم البطئ والنتيجة واحدة. لقد استخدم تحالف اليمين الليكودي نظرية الامن والخوف المدروسه بعناية فالاحساس الدائم والمركز بالخوف لدى المجتمع الاسرائيلي والذي تم ترسيخه في نفوس الاسرائيليين منذ قيام كيانهم عام 1948، هذا الاحساس الدائم بالتهديد والخوف المسيطر الذي تستغله الاحزاب الاسرائيلية سواء كانت يسار او وسط او يمين ببراعة لا مثيل لها جعلت الناخب الاسرائيلي يعيش حالة من الحصار الذاتي الواعي المتطابق مع اهداف وجوده في اسرائيل وبالتالي يتحكم في صوته امام صندوق الاقتراع. فوز نيتنياهو، بصلافته وعدوانيته المعروفه حتى مع حليفته الادارة الامريكية التي مسح انفها بالتراب عندما ذهب الى الكونغرس ضاربا عرض الحائط بالرئيس الامريكي، عودة نتينياهو رئيسا للحكومة الاسرائيلية من جديد وبما اعلنه من تصريحات بخصوص قيام الدولة الفلسطينية والذي نسف فيه استراتيجة الولايات المتحدة لحل القضية الفلسطينية،" دولتين لشعبين" هذه العودة للحكم التي قد تدفع بالادارة الامريكية الى التشدد في موقفها وترغم نيتنياهو على التراجع خطوة للوراء على الاقل من الناحية الاعلامية ارضاء للادارة اوباما، ولكنها في الحقيقة لن تشكل اكر من خطوة تكتيكية لتلطيف الاجواء بين البلدين . في ضؤ هذا الوضع الذي يشبه الفوضى الخلاقة السائد في منطقة الشرق الاوسط ، يبقى المتضرر الوحيد هو الشعب الفلسطيني وقضيته. نيتنياهو اغلق كافة الابواب التي قد تؤدي الى حل سياسي للصراع يرضي طموحات الشعب الفلسطيني بحدها الادنى، وهو كمن يقول للفلسطينيين ان مصيركم الانتظار والانتظار اكثر. ان الرد الفلسطيني يستوجب على القيادة الوطنية الفلسطينية الاستمرار في العمل وتمكين حكومة التوافق من فرض سلطتها و ممارسة مهامها بالكامل في قطاع غزة واستعادة وحدة الارض والشعب تمهيدا لاجراء الانتخابات التشريعية. الاستمرار في برنامجها لتدويل القضية الفلسطينية ، وفي كافة المحافل والمستويات، من مجلس الامن الى محكمة الجنايات الدولية، وتكثيف الحملة الدبلوماسية السياسية الى جانب تصعيد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال والجدار والاستيطان. وهذا بترافق كامل مع حملة مقاطعة اسرائيل وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات.