العضوية 123 ومحاكمة الاحتلال - د.مازن صافي
المنطقة بما يحدث فيها الآن من تغييرات وخلط أوراق وحزم واتفاق حول قضايا عالية الخطورة، يمهد في نهاية الأمر وفي المنظور القريب الى حضور دولي في القضية الفلسطينية، وربما يشمل الأمر مبادرات او خطة عمل أو حتى مؤتمر دولي او اقليمي، لأن "وقف الاشتباك" أصبح مطلب أمريكي، يقابله حق فلسطيني تصمد خلفه القيادة الفلسطينية التي تبدع في متابعة الأمور على كافة الجبهات، وكأننا بالفعل قد دخلنا معركة حقيقية، والشعب الفلسطيني جزء فاعل في هذه المعركة، كونه يُعاقب وتمارس عليه كافة أصناف العداء والعنجهية الاحتلالية.
دولة فلسطين العضو 123 في المحكمة الدولية الجنائية، هذا هو السبب في ان
انداع الاشتباك الفلسطيني الإسرائيلي على الجبهة الدولية، وفقدان (إسرائيل) مقدرتها على "المناورة والضغط الإعلامي" ، ولقد كان الرئيس الفلسطيني محمود عباس واضحا بقوله بأنه لا يوجد شريك للسلام في (إسرائيل) والمساعي الفلسطينية الدبلوماسية ليست أحادية، وهذا جاء ردا مباشرا على ما أعلنته الخارجية الإسرائيلية بأن (إسرائيل) لن تقف مكتوفة الأيدي أمام انضمام الفلسطينيين للمحافل الدولية، واعتبرها المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية بأنها "خطوات احادية الجانب" تمثل كانتهاك للمفاهيم المتفق عليها بين الجانبين والتي تمت تحت رعاية الأطراف الدولية الداعمة لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
وكان عضو اللجنة المركزية لحركة فتح د. نبيل شعث قد قال أن دولة فلسطين ستحصل على عضوية كاملة في المحكمة الدولية الجنائية في لاهاي في مايو القادم أي الانضمام مباشرة إلى ميثاق روما، وبهذا ستتمتع دولة فلسطين بكافة الأهلية والحقوق الكاملة في الجنائية الدولية، وكان هذا ردا مباشرا على الخارجية الإسرائيلية التي قالت في بيانها بأنه "لا يوجد دولة فلسطينية مستقلة وفق القانون الدولي" .
ما يحدث اليوم، لم يحدث منذ إعلان ولادة السلطة الوطنية الفلسطينية قبل أكثر من عشرين عاما، وما يسمى بسياسة "ضبط النفس" لم تعد موجودة، والولايات المتحدة تلقت الإشارة الفلسطينية، والتهديد بحرب إسرائيلية على قطاع غزة لن يكون مقيدا بمناطق جغرافية، فالمقصود هو القضاء على الورقة الدولية التي امتلكها الشعب الفلسطيني وبصفة رسمية وقانونية، تجريم الاحتلال ووصف ما يقوم به ومن العام 1967 بجرائم الحرب، وكان رئيس اللجنة الفلسطينية المختصة بتوثيق جرائم الحرب الإسرائيلية د. صائب عريقات واضحا حين قال : " انتهى الزمن الذي كانت في إسرائيل محصنة أمام القضاء الدولي" .
إذن فكل المبادرات التي ربما تنشط في أي لحظة قادمة سيكون هدفها "وقف التصعيد" على الجبهة الدولية ومحاولة للضغط على (إسرائيل) لإنهاء قرصنتها وحصارها الاقتصادي على الفلسطينيين، وفتح ممرات لعقد لقاءات لمعالجة كثير من القضايا المتفجرة في المنطقة .
ان (إسرائيل) هي المسؤولة عن كل التراكمات السلبية التي تمت منذ مرحلة أوسلو الأولى، وهذه التراكمات هي المحفز الأساسي لانداع الصراع وتصاعده وتطوره، ووجود الاحتلال واستمرار ومنع إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، لن يبقى مدار نقاش، بل هو محور حاسم ومطلوب من كل الدول أن تقف مع إنهاء آخر احتلال في العالم وإعادة الحقوق الى أصحابها وعودة اللاجئين الذين يمارس بحقهم الإبادة الجماعية في المخيمات في الشتات، وصبرا وشاتيلا نموذج من المذابح الدولية سابقا واليوم مخيم اليرموك في سوريا.