اليرموك.. والمراهقة السياسية- موفق مطر
تكمن مصيبتنا مع اشخاص بموقع قيادة, لا يعنيهم مصير ملايين او مئات او عشرات آلاف من الشعب الفلسطيني, اذ يركزون على بروز مواقفهم, وكلماتهم اللاهبة في صفحات الأخبار, “فيصرعون” ادمغتنا بعبارات الوطنية, وينهالون علينا بسياط التخوين, حتى لو اكلت نيران الصراع الحقيقية ما تبقى من امل بسيط في الحياة لانسان مخيم اليرموك.
يعرف هؤلاء الذين يطلقون مواقفهم وقراراتهم الانفعالية غير محسوبة العواقب، ان تدخل فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في أي صراع داخلي مسلح على ارض أي بلد عربي يعني بمثابة قرار بانتحار جمعي للشعب الفلسطيني وقضيته, واشارة لاطلاق النار على رأس مبدأ وحق العودة ( عودة اللاجئين الى وطنهم فلسطين ) فالقوى الارهابية الدينية المعادية للوطنية عموما والوطنية الفلسطينية خصوصا – صممت لتكون هكذا باعتبارها الوجه الآخر للمشروع العنصري الصهيوني – معنية بانجرار القيادة الفلسطينية الى مربع الخطأ الكارثي هذا, حتى يشهروا حملاتهم المخططة سلفا علينا, ويسبغون عليها ما يسمونها شرعية ( الشريعة), لاغتيال حق العودة, وتفكيك تجمعات اللاجئين الفلسطينيين وتفريقهم وتبديد آمالهم.
مخطئ من يعتقد ان مئات آلاف الفلسطينيين في المخيمات بلبنان سيكونون بمأمن من نار هذه المؤامرة ان وافقت قيادة منظمة التحرير على التدخل مباشرة في القتال بمخيم اليرموك, او اعطت الضوء الأخضر لحسم عسكري لطرف على حساب آخر، فللمخيم صفة الحيادية وهذ ما يجب التمسك به حتى اللحظة الأخيرة, رغم وقوع ضحايا في دائرة هذه السياسة, الا انهم سيكونون فداء للقضية, ومعنى المخيم المرتبط جذريا بحق العودة.لأن اقحام الفلسطينيين وتحديدا ممثلهم الشرعي والوحيد بالصراع الدائر في سوريا, يعني استدراج الكراهية والأحقاد المؤسسة على مفاهيم طائفية ومذهبية, واخرى سياسية, ما يسهل على دولة الاحتلال عزل القضية الفلسطينية واجتثاثها, من وعي الجماهير العربية في الدول المحيطة بفلسطين, ما يعني تجريد فلسطين من عمقها الاستراتيجي العربي الشعبي والرسمي.
سيبقى مبدأ تحييد المخيم, وانسحاب كل المسلحين منه خيار القيادة الفلسطينية الوحيد, اما الدعوات لتحرير المخيم, او استغلال الضحايا لتسجيل مواقف سياسية ونقاط على القيادة, فهي لا تستحق اكثر من وصف المزاودة والمراهقة السياسية, فالقيادة حكمة وعقلانية وواقعية, والقرار القيادي الحكيم يعني تأمين الحماية للمواطن في الغد وبعد غد, وضمان مصالحه في المستقبل, لا أن ينفعل الذي بيده القرار فيزج الانسان في اتون الحرب ثم يجلس ليبكي الضحايا, يصرخ مستغيثا بلا مجيب !.