زيارة دولة بسلوك الدولة
رغم الاحتلال وما يخلف لنا من معضلات وحصارات وعوز وعراقيل، في حياتنا اليومية، رغم الاحتلال واستيطانه البغيض الذي يحاول تمزيق جغرافية فلسطين حتى لا تقوم دولتها، رغم هذا الواقع الصعب والمرير، تبدو فلسطين اليوم وحدها على نحو عملي واضح، من يسير على طريق الدولة بسلوك الدولة وتماسكها الذي بات يشكل رغم الانقسام القبيح، مفارقة لافتة، في هذا الشرق العربي الذي يكاد يتفكك بحروب الطوائف ومعارك الهويات السلفية والقبلية وغيرها من معارك عدمية في جوهرها ومحصلتها ..!!
في هذا الاطار تأتي زيارة الرئيس ابو مازن الى روسيا الاتحادية، ومن هذا الاطار نرى فلسطين وهي تمضي قدما على طريق الدولة بسلوك الدولة، لقاءات واجتماعات مع الرئيس "فلاديمير بوتين" واخرى مع رئيس الوزراء الروسي "ديمتري ميدفيدف" ومع بطريرك موسكو وعموم روسيا البطريرك "كيرل".
اللقاءات والاجتماعات لم تتناول قضايا العلاقات الثنائية وسبل تطويرها فحسب، بل مجمل قضايا الشرق الاوسط الملتهبة، مع تقدير القيادة الروسية وفي مقدمتها الرئيس "بوتين" لدور الرئيس ابو مازن وجهوده الرامية الى تعزيز الاستقرار في الشرق الاوسط، وعشر سنوات من ولاية الرئيس ابو مازن كما قال الرئيس الروسي شهدت للرئيس عباس عملا هائلا "من اجل تعزيز الاستقرار السياسي الداخلي والاقتصادي" وفي السياق ذاته شدد الرئيس "بوتين" على الاهمية التي تكتسبها مشاوراته مع الرئيس ابو مازن حول مجمل قضايا المنطقة وبالدرجة الاولى المسار الاسرائيلي الفسطيني، وكانت المباحثات بين الرئيسين قد تناولت سبل حل الصراع على هذا المسار وايجاد حل دائم وشامل وفق رؤية حل الدولتين.
ليس هذا فقط، بل ان الزيارة اثمرت توقيع اتفاقيات بين دولة فلسطين وروسيا الاتحادية، هي جميعها اتفاقيات دولة بالمعنى القانوني والسياسي والكياني للدولة، ما يؤكد ان فلسطين ماضية على هذه الطريق بسلوك الدولة وسياستها ومواقفها.
يبقى ان نقول للتاريخ ولطيب العلاقة، لطالما كانت "موسكو" وهي من عواصم الثلج في هذا العالم، اكثر دفئا بالنسبة لفلسطين وقضيتها من عواصم كثيرة، يعرف ذلك الفلسطينيون على نحو التجربة، ولروسيا بصفة عامة علاقات اثيرة بفلسطين تاريخيا، بلادنا بقدر ما هي ارض القداسة للعقائد السماوية جميعها، فانها لروسيا قبلتها الاولى واليها يصح الحجيج.
ولهذا لطالما كانت "موسكو" اوضح في وقوفها الى جانب فلسطين ودعمها لقضيتها العادلة، وهي اليوم مع الدولة، دولة فلسطين وقد بانت في سلوكها المسؤول وسياستها الواقعية، الرامية لاستقرار حقيقي في الشرق الاوسط بالسلام العادل الذي ما زال ممكنا.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير