في ذكراه ...دائما الى امام
في مثل هذا اليوم قبل سبعة وعشرين عاما، تسعون رصاصة من رصاص الغدر والعدوان الاسرائيلي، ورصاص التواطؤ القبيح، كانت تخترق جسد خليل الوزير ابو جهاد، لتتأكد في شهوة مريضة من موته، بقدر ماكانت حياته مرهقة بل ومرعبة للعدو واعوانه، في مثل هذا اليوم كان ابو جهاد يستشهد كما ينبغي لبطل ان يستشهد، كان يرتقي سلم الشهادة ويستوي على معنى الامارة فيها، فبات اميرا للشهداء بحق .
تسعون رصاصة، واحدة منها اصابت ماسورة مسدسه الذي امتشقه ليواجه القتلة الذين اقتحموا منزله، تحت جنح الظلام الذي تولف بالغدر، تسعون رصاصة كأن القتلة كانوا يواجهون كتيبة لا فردا في منزله، وتسعون رصاصة حاولته عدما وغيابا مطلقا، لكن ذلك لم تستطعه ولن تستطيعه كل رصاصات الغدر والعدوان، فالبطل يظل ابدا حيا في ذكراه الضاجة بالحياة، وحيا في سيرته التي باتت جزءا من التاريخ وقمرا منيرا من اقماره .
لا احد ينسى ابو جهاد، ومن اين للنسيان ان يطال قامة كقامته الفارعة في حضورها الاخاذ في دروب الثورة وحياتها، ومن اين للنسيان ان يكون، وفتح ما زلت على طريقها، وما زالت تصعد الى ما يريد شعبها من حرية واستقلال ، من اين للنسيان ان يكون والملحمة متواصلة، والصراع محتدم .
لا احد بوسعه ان ينسى ابوجهاد ولا كل فرسان الملحمة الوطنية الفلسطينية، الذين جعلوا المستحيل ممكنا، حين فجروا الثورة الاصعب في الواقع الاكثر صعوبة، حين واجهوا بعبوة ناسفة، لا العدو المحتل لارضنا والمدجج بكل ترسانات القوة العسكرية والاقتصادية وغيرها فقط، وانما واجهوا كذلك بتلك العبوة احلافا اقليمية ودولية حاولت طويلا شطب فلسطين وقضيتها من خارطة الوجود الانساني، لا الجغرافي والسياسي فحسب .
خليل الوزير .. ابو جهاد كان من هؤلاء الفرسان ، فرسان الاولى الذين اجترحوا المستحيل واقتحموا ساحات المواجهة، بعبوة وارادة وقرار مستقل .
لم يكن يعرف التردد ولا التراجع، وكان قارة للتألف والتجمع، بكلماته الحميمة " بسيطة يا اخ " كان يجمع بين المناضلين في طريق الثورة، لا نظرية لديه سوى نظرية المواجهة، ولا فكرة سوى فكرة فلسطين، ان تكون حرة مستقلة، ولا تحزب الا لها ومن اجلها، هو الوطني بامتياز، والفتحاوي بهذه الوطنية الخلاقة، لايعرف الضغينة الحزبية ولايقرب مماحكاتها، والاختلاف حق في بيت فلسطين، وتحت سقيفة شرعيتها النضالية والوطنية والديمقراطية . هكذا كان ابوجهاد وهكذا هي سيرته وامثولته التي نريدها اليوم حضورا في السلوك لا في الذاكرة فقط ، في ذكراه الحاضرة في كل وقت لا في يوم استشهاده فحسب، نرانا في الطريق الى الدولة وقد بانت راياتها ودقت ساعة تحققها بالاستقلال الناجز ، نرانا نتقدم دائما الى امام رغم كل الصعوبات والعراقيل، ورغم الانقسام القبيح، نتقدم لان هذه هي وصية ابو جهاد امير الشهداء ولأن دربه لايقبل سوى التقدم .
كتب المحرر السياسي