فلسطين الدولة
في عملية امنية بالغة الصعوبة والتعقيد، وبشجاعة لافتة، وفي اقل من شهرين، استطاع جهاز المخابرات الوطني الفلسطيني، وتنفيذا لتعليمات الرئيس ابو مازن تحرير الرهينتين السويديين، اللذين اختطفا عام 2013 على يد مسلحين في سوريا.
قبل هذه العملية الناجحة بكل المقاييس، حيث انها عملية بيضاء لم تشهد نقطة دم واحدة، كانت للمخابرات الفلسطينية، عملية اخرى لا تقل صعوبة وتعقيدا في المساهمة باطلاق سراح مخطوفي إعزاز اللبنانيين في تشرين الاول من عام 2013، غير ان سطوة المال السياسي، عتمت على خبر المساهمة الفلسطينية التي كانت هي الاساس في تحرير هؤلاء الرهائن.
والمعنى في كل هذا السياق هو دور فلسطين الدولة، المسؤول والشجاع والمقتدر في الوقت ذاته، الدولة التي تساهم برغم امكانياتها المادية والتقنية المتواضعة في التصدي لأي مهمة انسانية، تؤكد حقيقة جدواها وضرورتها كعامل استقرار في هذه المنطقة، وهي ان كانت حتى اللحظة تحت الاحتلال إلا انها لا تتوانى عن التصدي لمهمات انسانية من هذا النوع وتحقق اهدافها بنجاح لافت عجزت عنه دول كبرى.
ما يثلج الصدر هو هذا التواضع الذي عليه جهاز المخابرات الوطني الفلسطيني وهو يعمل بمنتهى الجدية دون اي ادعاء، وبرجال يقتحمون الصعب، ويخوضون في اخطر الساحات المشتعلة بالسلاح والمسلحين، وليصلوا الى تحقيق اهداف مهماتهم دون اية جلبة او استعراضات فضائية.
ما يثلج الصدر اكثر هذا الوعي الوطني، لدور المخابرات الذي يرى ضرورة الاجماع الوطني حول قضايا فلسطين الرئيسة لتعزيز دور الدولة ومكانتها، ثم هذا التقدير العالي لعلاقات فلسطين الشقيقة والصديقة، وفي قضية الرهينتين السويديين، فان فلسطين بتعليمات الرئيس ابو مازن ومتابعته الحثيثة، انجز جهاز المخابرات العملية تحت عنوان رد الجميل للسويد التي افاضت على فلسطين بموقف حميم في الدعم والمساندة والاعتراف بها كدولة، كأول اعتراف من نوعه في اوروبا.
وفي القضية ذاتها، ثمن جهاز المخابرات الوطني دور اشقائه في المخابرات الاردنية واصفا اياهم بالرجال الكبار الذين قدموا كل اشكال الدعم اللوجستي لنجاح عملية تحرير الرهينتين السويديين.
وبهذا المعنى وهذا التقدير لا شيء اوضح من مكانة فلسطين وهي تعلو بدعم اشقائها مثلما هي تعلو بانجازها للمهمات الصعبة، المهمات الانسانية التي كانت اليوم لصالح الصديقة السويد العزيزة التي تستحق منا كل تقدير ومحبة.
يبقى ان نؤكد انه لولا وعي الدولة وسلوكها المسؤول الذي باتت عليه دولة فلسطين برغم الاحتلال وعراقيله، لما كان بالامكان ان نحقق انجازا كبيرا من هذا النوع.. والدولة في المحصلة تبدأ من هنا من الوعي بحضورها وادراك قيمتها والتصرف على اساس من هذا الوعي وهذا الادراك.
ولجهاز المخابرات الوطني الفلسطيني كل التقدير وقد اثلج صدورنا حقا ورفع رؤوسنا بواقعة بطولة يعز نظيرها, شكرا لحراس الوطن الاوفياء.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير