«مكة 2» تكتيك..للاختراق والتفكيك ! موفق مطر
«مكة 2» مجرد محاولة براغماتية من قيادة حماس للتعامل مع عاصفة الحزم العربية بقيادة المملكة العربية السعودية، بركوب (بساط ريح ) خيالي !. وبمثابة بالون اختبار لفحص مكانتها لدى المملكة بعد جملة المتغيرات في المنطقة، ونكث حماس ( لاتفاق مكة )، وفرصة لتوسيع فجوة اشتغلت على اختلاقها بين المملكة وجمهورية مصر العربية ، وإشاعتها وسائل اعلام معادية للعروبة والعمل العربي المشترك، فقيادة حماس التي لا تتعدى رؤيتها ونظرتها السياسية حدود منطق ومفاهيم ( جماعة الاخوان ومصالحها ) لا يمكنها فهم معنى العلاقات العربية القائمة على مبدأ المصير المشترك للأمة العربية، والحفاظ عن الأمن القومي العربي.. فحماس تسعى لاستغلال ما ظنته خلافا سعوديا مصريا، لتجريد مصر من قرار عربي اعطاها حق رعاية اتفاق المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية، وأنجزت بالفعل اتفاق القاهرة التاريخي، الذي اجمعت عليه كل فصائل العمل الوطني، وحركتا حماس والجهاد الاسلامي، وهو الاتفاق القائم حتى الآن رغم كل الاعلانات الملحقة به كإعلان الدوحة الموقع من الرئيس محمود عباس ابو مازن ورئيس المكتب السياسي خالد مشعل، والشاهد عليه بالتوقيع امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الذي نص على تشكيل حكومة وفاق وطني، مهامها الرئيسة الاعداد للانتخابات التشريعية والرئاسية، وإعادة اعمار غزة بعد حرب 2012 و2009 وإتمام تنفيذ استحقاقات اتفاق القاهرة، ثم اعلان الشاطىء الذي وقعت عليه قيادات فصائل منظمة التحرير وحماس، وشهدت عليه شخصيات وطنية مستقلة ايضا، الذي كان بمثابة اعلان بالموافقة على تنفيذ اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، وبعد كل هذه الاتفاقات يقترح الدكتور محمود الزهار اتفاق (مكة 2 ) بشروط ؟! ما يعني رغبة حمساوية بإعادة ملف انهاء الانقسام والمصالحة وانجاز حكومة الوفاق الوطني، وملف اعادة اعمار غزة الى ما دون نقطة الصفر، أي الى مؤشر الانقلاب الذي كان هدفه الانقسام، للعمل كما يبدو على تحويله لحالة انفصال.
نعتقد جازمين ان اقتراح الزهار لـ (مكة2) هو تكتيك لتفكيك مقومات العمل العربي المشترك بقيادة المملكة ومصر، لتفادي انعكاسات وتداعيات انجازات عاصفة الحزم التي قد تتجاوز حدود اليمن، وإظهار حماس بمكانة المظلوم الباحث عمن ينصفه، وهذا التصور قائم على موقف حماس من عاصفة الحزم، حيث قدمت نفسها «كشرعية تم الانقلاب عليها» بعد خطاب الرئيس ابو مازن في القمة العربية بالقاهرة وتأييده لعاصفة الحزم، خطاب حدد فيه موقف فلسطين وحرص شعبها وقيادتها على الأمن القومي العربي، والمصالح العليا للدول العربية، لكن فهمته قيادة حماس وروجته كدعوة لدول عاصفة الحزم العربية لاستكمال دورها في ردع الانشقاقات والانقسامات، فانطبق عليهم المثل « اللي على راسه بطحة بيحسس عليها «!. لذا سارعت حماس بعد ترويج لأخبار مفبركة عن زيارة مرتقبة لرئيس مكتبها السياسي خالد مشعل للرياض، واشاعات اعلامية عن عودة المياه لمجاريها الطبيعية بين القيادة السعودية الجديدة وحماس، وهذا نوع آخر من الاستغلال الرخيص، لا يمكن لقيادة المملكة الجديدة تمريره، حيث لا يحتاج خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمستشارين ليقولوا له ان حماس تستغل التغييرات والتحديثات في الطاقم المساعد للملك للتقرب منه، خاصة اننا علمنا ان الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز كان قد وصف خالد مشعل ( بمسيلمة ) اثر نكوص قيادات حركته عن اتفاق مكة، والانقلاب على السلطة الوطنية في غزة والسيطرة على القطاع بقوة السلاح، وبحجم النفاق والكذب في رسالته للملك عبد الله يستعطفه لقبول مثوله بين يديه بعد جملة من المواقف منها اصرار حماس على التماهي مع سياسة طهران، اثناء تمتعها بدفء حضن النظام السوري حينها !.
(مكة 2 ) آخر ما في أدمغة قادة حماس لضرب مصداقية رعاية مصر العربية بقيادتها الجديدة لملف المصالحة الفلسطينية، علما أن مصر مكلفة بقرار من الجامعة العربية لذلك، وتنفيذ رغبة الاخوان ودول اقليمية حليفة للجماعة مازالت تناصب العداء لثورة يوليو وقيادتها الوطنية الجديدة كتركيا مثلا، ومحاولة يائسة لإقناع الأشقاء العرب ( بفريتهم ) التي لا يستحون عن ترديدها، بأن الرئيس ابو مازن يعرقل انهاء الانقسام والمصالحة – رغم اعترافهم بالمفاوضات مع اسرائيل ( الدردشات ) وأفعالهم، وقراراتهم كسلطة انقلاب وأمر واقع مفروض بقوة السلاح وإرهاب المواطنين في غزة، آخرها فرض ما سميت (ضريبة التكافل )، وقرارات ما يسمى (محكمة العدل العليا ) بإلغاء نتائج انتخابات نقابة المحامين، وامتناعهم عن تسليم المعابر حتى اللحظة للسلطة الوطنية وحرس الرئاسة، ومنعهم اجراء انتخابات مجالس الطلبة في جامعات غزة. وهذا غيض من فيض يعبر عن نوايا حماس الانقسامية الانفصالية، التي صدقها حديث القيادي الدكتور الزهار لقناة الجزيرة يوم الجمعة الماضي، حيث اقر بموافقة حماس على قيام كيان او سلطة او دولة، علما انه كان قد قال سابقا ان هذا الكيان سيكون منطلقا لقيام (دولة اسلامية في فلسطين ) فسياسة قيادة حماس في هذه الأيام ينطبق عليها المثل الشعبي « ضربني وبكى وسبقني واشتكى».
متانة العلاقة بين المملكة ومصر ستفوت على حماس فرصة احداث اختراق في جدار العمل العربي المشترك لصالح طهران او انقرة، فهي لو نجحت فانها ستقترح غدا طهران او اسطنبول 1!