درة تاج الصحافة الوطنية - موفق مطر
احتفلت الصحافة الوطنية يوم الخميس الماضي بانتهاء صقل مبنى جريدة الحياة الجديدة، وتقديمه كبيت عصري يليق بعائلة الحياة الجديدة.
قلنا للزملاء عندما لبينا دعوتهم الكريمة وشاركناهم الاحتفال الى جانب حشد من رجال السياسة والاعلاميين: اصبح لكم مكان استحقته عقولكم واراداتكم وعطاءاتكم اللامحدودة منذ وقت طويل، فالصحافة التي جسدتها الحياة الجديدة كانت وما زالت اضاءة حق، تفضح الباطل وفساد ابطاله، واشعاع معرفة يزيح عتمة الجهل ويبددها للأبد.
لم يؤثر مؤشر الموارد المالية هبوطا كان ام صعودا على، ارادة صحفيين واعلاميين ارادوا من الحياة الجديدة ان تكون صفحة جديدة في تاريخ وسجل الاعلام الفلسطيني، ومدرسة يديرها ويشرف عليها نخبة من الاعلاميين المخضرمين، يرفع اعمدتها كتاب وصحفيون ومراسلون ومحررون ومصورون ومخرجون من الجنسين عملوا بجد واجتهاد لتصبح منارة لحرية الرأي والتعبير، والنقد البنَاء، والخبر اليقين، فالحياة الجديدة رغم تواضع مكاتبها وأدواتها ووسائل مراسليها وكذلك مطبعتها الا أنها قدمت نموذجا يستطيع كل من كتب فيها افتتاحية او مقالا أو خبرا أو تقريرا او صورة قلمية، او رسم في صفحاتها كاريكاتورا او نشر صورة صحفية، ان يفخر انه كان يقدم مادته للجمهور عبر صحائف ورق مهنية، بطعم وطني بامتياز.
كان لي شرف الكتابة في الحياة الجديدة منذ الايام الأولى لعودتنا للوطن في منتصف العام 1996 ولكن بغير انتظام، فنشرنا على صفحاتها الغراء مقال رأي وتحليلا، وتقارير، وصورا صحفية، وصورا قلمية، الى أن استقرينا على زاوية ( سؤال عالماشي ) حيث امتلكنا مساحات لا محدودة من الحرية المسؤولة، في مساءلة وانتقاد سياسة المسؤولين الـ(v.i.p) وطرحنا معالجات وحلولا املتها علينا ضمائرنا، وقراءتنا للوقائع والاحداث في البلد.
افخر ككاتب لزاوية "سؤال عالماشي" منذ سنوات، اني حظيت بهذه الفرصة على صفحات جريدة وطنية، حملت أوجاع المواطن وآلامه ووضعتها بحرارتها، ومخاطرها في رقبة المسؤول صاحب القرار، ونقلت للمواطن انجازات مؤسسة هنا وابداعات افراد هناك، وسلطت الضوء على قضايا الوطن والأمة والعالم، برؤية عقلانية واقعية، متحررة من (اللغة الخشبية ) الشعاراتية، وناهضت الاحتلال، والاستيطان، والجهلاء والجاهليين، والانقلاب، والانقسام، حتى بات رأسها مطلوبا، وفي مرات كثيرة سعى بلطجيتهم للنيل منها فكانت بعد كل استهداف تنهض اقوى.
تؤشر عملية عصرنة وسائل الاتصال مع الجمهور الفلسطيني عموما، ووسائل الصحافة والاعلام تحديدا، التي تسير عليها القيادة الفلسطينية، وتهتم بتجسيدها القيادات المباشرة لهذه المؤسسات، على ارادة ورغبة حقيقية للارتقاء بمؤسسات دولة فلسطين الى مستوى من المدنية الديمقراطية التقدمية لا يقل عن مستوى مثيلاتها في البلدان المستقلة، بغض النظرعن حجم الأموال، وسبل ضخها، فالأهم بالنسبة لنا هو التناغم بين المضمون الذي يؤكده نجاح الصحفي الفلسطيني في مواقع عمله بوسائل اعلام وطنية وعربية او اجنبية، أو الشكل المتناسب مع حجم امكانيات المال العام، فالصحفي لا يبحث عن مكان مريح، لأن مهنته عكس ذلك ابدا، وانما يليق به مكان حافل بوسائل الاتصال السريع، وبلمسات فنية، وبعض رفاهية تختزل الوقت والزمن، فالصحفي يلد كلمته اثر مخاض ثلاثي الابعاد هدوء تأمل وتفكير، وهذا سر نجاح الانسان المعاصر ادركته الحياة الجديدة بصقل وتجديد جوهرتها، لتكون درة تاج الصحافة الوطنية.