ترجمان يعري "حماس" - عمر حلمي الغول
مساء يوم الاثنين الماضي في مستعمرة "ناحال عوز" أعلن سامي ترجمان، قائد المنطقة الجنوبية في إسرائيل امام رؤساء البلديات الاسرائيلية المحاذية للحدود: أن لدى إسرائيل و"حماس" مصالح متبادلة في إستمرار الهدوء في غزة وعلى الجبهة الجنوبية بشكل عام."
واضاف قائد الجيش الاسرائيلي في المنطقة الجنوبية، وفق ما اشار موقع "يديعوت أحرونوت" الاليكتروني " انه لا يمكن هزيمة حماس في بغزة." هل يعني ذلك، ان "حماس" باتت قوة ضاربة تخشاها إسرائيل؟ أم ان الجنرال الاسرائيلي، اراد ان يلمع حركة الانقلاب الحمساوية، ويهول من قوتها وقدرتها، كي يعزز من الرهان الاسرائيلي على دورها في حفظ الامن حدودها؟ وتابع ترجمان يقول: فهي (حماس) حكومة مستقلة، لها سيادتها، وتمارس ذلك على اعلى مستوى". اليس هذا تركيز وضرب إسرائيلي على معزوفة الفصل بين جناحي الوطن؟ وألآ يعني هذا رسالة إسرائيلية لحركة حماس كي تسير قدما في خيار فصل محافظات الجنوب عن محافظات الشمال، وضرب ركائز المصالحة الوطنية؟
وتعزيزا لما ترمي إليه إسرائيل في خدمة هدفها الاستراتيجي بضرب وحدة الارض والشعب والهوية الوطنية الفلسطينية، وتكريس خيار الامارة الحمساوية، يقول قائد الجيش الاسرائيلي في الجنوب: "لا يمكن لاحد ولا حتى للسلطة الفلسطينية ان تبسط سيطرتهاعلى غزة في ظل وجود منظمات إرهابية كثيرة، ولذلك أعتقد ان اي شخص في غزة يفكر بالانتفاضة ضد حماس، يعرف ان احتمال النجاح ضعيف." وبالتالي المصلحة الاسرائيلية "ان يكون في غزة عنوان قوي كحماس". التي تضمن هدوءا اطول على الحدود.
هكذا بدا واضحا، ان المصالح المشتركة الاسرائيلية الحمساوية، تتمثل في الاتي: اولا تعزيزا للحوار الدائر بين حركة حماس وإسرائيل بشكل مباشر وغير مباشر، فإن إسرائيل، تعمل على "النفخ" في قوة حماس، على إعتبار انها القوة "الوحيدة" الكفيلة بحماية أمن إسرائيل؛ ثانيا مقابل ذلك تضمن حكومة إسرائيل سيطرة فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين على محافظات الجنوب الفلسطينية؛ ثالثا تؤمن إسرائيل دعم مقومات الامارة في القطاع عبر التسهيلات، التي ستمنحها لها في مجال بناء المطار والميناء البحري، وفتح ممر بحري بين غزة ولارنكا او اسطنبول او كلاهما؛ رابعا تمزيق النظام السياسي الفلسطيني، وضرب اسس وحدانية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية للشعب العربي الفلسطيني، والتشكيك بمكانتها فلسطينيا وعربيا ودوليا؛ خامسا مواصلة خيار الاستيطان الاستعماري في المحافظات الشمالية وخاصة القدس الشرقية، وتبديد حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967.
اضف إلى ان ما جاء على لسان سامي ترجمان، يؤكد ان المصالح المشتركة بين الطرفين، ليست وليدة اللحظة الراهنة، بل هي قديمة قدم نشوء فرع جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين. ومن يعود للحظة تأسيس حركة حماس في 1974 عندما اخذت الترخيص للمجمع الاسلامي، ثم في ال1988 حين دشنت حضورها في المشهد السياسي الفلسطيني في الانتفاضة الكبرى، يعي تماما المهمة والدور، الذي اوكل لها في الساحة الفلسطينية، وهو دور البديل عن المنظمة، وسحب البساط من تحت اقدامها. وضرب المشروع الوطني في مقتل من خلال عملية التضليل والشعارات الديماغوجية المنادية ب"المقاومة"، مع ان حركة حماس براء من المقاومة الحقيقية، لان جل اهدافها يتمثل فيما اشير اليه آنفا. الامر الذي يتطلب من القوى الوطنية والاجتماعية والاكاديمية والثقافية / الاعلامية وقف الخطة الاسرائيلية الحمساوية، وتعزيز خيار الوحدة الوطنية. والتصدي لسياسات "حماس" المعطلة لمسيرة المصالحة، وإعادة الاعتبار لدور الشرعية بشكل كامل.