حكومة نتنياهو.. كرسي على راس دبوس ! موفق مطر
وضع بنيامين نتنياهو كرسي حكومته على رأس دبوس، واجلس عليه خمسة أحزاب لا تؤمن بمصالح الدولة وانما بحجم مكاسبها من كعكة الحكومة، والقوانين الموعودة، اما كونها الأشد تطرفا وعدائية للسلام، وحل الدولتين، وحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته، فربما يراه نتنياهو مركز الثقل لسياسته الجديدة التي لخصها بقوله اثناء حملته الانتخابية:" اذا انتخبتموني مرة ثانية فان الدولة الفلسطينية لن تقوم".
يعرف نتنياهو بالثعلب المراوغ، ووصفه أحد رؤساء الدول الكبرى بالكذاب، لكن هل تراه سيضيف (الساحر الأكروباتي) الى القابه؟! قد يفلح لكن نجاحه مرهون بقدرته على السير بحكومته بالدهاليز والممرات الملتوية والمتعرجة، والنجاة من حقول ألغام داخلية وخارجية لا يملك الالتفاف عليها أو تجاهلها، فالمعارضة لن تتركه وشأنه، يتصرف باسرائيل وكأنها شركته الخاصة، يعدل القوانين باغلبيته البرلمانية، ويزيد عدد اعضاء الحكومة لتأمين مصالح (شلته في الليكود) ولضم مقاعد من احزاب المعارضة الى ائتلافه، لضمان اغلبية مريحة، تمكنه من المناورة لتحقيق رقم قياسي من عمر حكومات (اسرائيل) التي لم تتجاوز السنتين من اصل اربع سنوات حسب قوانينها!.
يكرس ائتلاف نتنياهو توجه (دولة الاحتلال) نحو دكتاتورية من نوع آخر في المنطقة، وهي دكتاتورية قوانين الأغلبية المطلقة (50+1) فائتلاف (المراوغ نتنياهو) لا يملك في الكنيست الا 61 صوتا من أصل 120، ورغم ذلك فإنه يسعى لتعديل قوانين مثل زيادة عدد وزراء الحكومة من 18 الى 20 أو 22، والغاء الضريبة المضافة، تلبية لطلب شاس كشرط للانضمام الى ائتلافه، هذا الى جانب تنازلات قدمها لأحزاب يهودية متطرفة صغيرة الحجم لاستكمال وضمان النصاب القانوني 61 عضوا في الكنيست، أمور دفعت رئيس دولة الاحتلال رؤوفين ريفلين الى التصريح عن مخاوفه من اجراءات بيبي نتنياهو التي وصفها بالانحراف اذا قال: "خرق أمر ذي صبغة دستورية لا ينبغي على الجمهور تأييده أو الوثوق به.. فهذه الأمور تقوض ثقة الجمهور بالسياسيين!" فيما تهكم اعضاء كتلة ميرتس على نتنياهو وطالبوا في اقتراحاتهم المضادة لاقتراح نتنياهو زيادة عدد وزراء الحكومة، باستبدال قانون أساس الحكومة باسم قانون "تحصين سلطة نتنياهو"!!. أما رئيس (المعسكر الصهيوني) اسحاق هيرتسوغ فقد وصفها بالسيئة والخطيرة، وقال لنتنياهو الذي اعلن احتفاظه بحقيبة الخارجية لهرتسوغ: "لا اريد ها.ز أعطها لواحد من جماعتك".
تعيش دولة الاحتلال حالة معاكسة لما يشهده محيطها، ففي حين تتجه الدول العربية من التطهر من الدكتاتوريات، ومقاومة آخر هجمات الجماعات (الدينية) الدكتاتورية الهمجية الدموية العنصرية، تنجرف اسرائيل بقوة دفع تيار التطرف والعنصرية والدكتاتورية (الدينية)، الذي يؤمن له نتنياهو امكانية التحكم من اركان "الدولة" والسلطتين التشريعية والتنفيذية، ما يعني اختلال التوازن في تركيبة النظام السياسي الاسرائيلي، وانعكاسا سلبيا مباشرا على حل الدولتين، واطالة زمن الوصول الى محطة اتفاق سلام نهائي، يكون سببا لانهاء الصراعات في المنطقة، ومحورا للأمن والاستقرار والسلم فيها، فنتنياهو يدفع اسرائيل نحو التطرف والدكتاتورية والعنصرية المقننة، فيما العالم متفق على ان الديمقراطية هي الحل الأمثل لمشاكل الشعوب والدول في المنطقة.
نحن معنيون بحكومة مستقرة في اسرائيل، لكنها تقر بحل الدولتين، وتنفذ اتفاقاتنا معها والقرارات الدولية ذات الشأن، وحق الشعب الفلسطيني بقيام دولته على حدود الرابع من حزيران من العام 1967 بعاصمتها القدس الشرقية، أما دولة الاحتلال فيبدو تمسكها بخيار الانزلاق عميقا نحو مستنقع الارهاب و(دكتاتورية القوانين) واضحا ولا يحتاج لتفسيرات أو تحليلات أو تأويلات، فاسرائيل دولة هلامية متحركة وليست ثابتة، بلا دستور، مخالفة لقواعد ومنطق وعلم وقوانين الدولة الديمقراطية، وأخلاقياتها وسلوكياتها، وهذا ما دفع ريفلين (رئيس اسرائيل) لقرع الجرس وإشعال الضوء الأحمر بوجه نتنياهو.
يبقى السؤال الأهم الآن: الى أين يأخذ نتنياهو اسرائيل؟ الجواب: ان لم يكن نحو السلام وحل الدولتين، أما أي اتجاه آخر فإنه لا يعنينا، حتى لو انطبق المثل عليها: "جنت على نفسها براقش".