" في ذكرى النكبة ستبقى يا وطن حاضراً في دم الياسمين" - فراس الطيراوي
مثلما كنت ستبقى يا وطن، حاضراً في ورق الدفلى، وعطر الياسمين، حاضراً في التين، والزيتون، في طور سنين حاضرا في البرق، والرعد، وأقواس قزح.. في ارتعاشات الفرح... حاضراً في الشفق الدامي، وفي ضوء القمر.. في تصاوير الأماسي، وفي النسمة.. في عصف الرياح ... في الندى والساقية ... والجبال الشمّ والوديان، والأنهر في تهليلة أمّ.. وابتهالات ضحيّة، في دمى الأطفال، والأطفال .. في صحوة فجرٍ فوق غاب السنديان... في الصبا والولدنة، وتثني السوسنة .. في لغات الناس والطير، وفي كل كتاب..في المواويل التي تصل الارض ... بأطراف السحاب ... في أغاني المخلصين ... وشفاه الضارعين ... ودموع الفقراء البائسين ... في القلوب الخضر والأضلع ... في كل العيون ... مثلما كنت - ستبقى يا وطن ... حاضراً .. كل زمان ... كل حين. مثلما كنت ستبقى يا وطن .. حاضراً في كل جرحٍ وشظية ... في صدور الثائرين الصامدين ... حاضراً في صور القتلى ..وعزم الشهداء ... في تباشير الصباح ... وأناشيد الكفاح ... حاضراً في كل ميدانٍ وساح الى اخر قصيدة شاعر المقاومة الشهيد الغائب الحاضر" توفيق زياد" طيب الله ثراه. ففي الذكرى النكبة السابعة والستين رغم الآلام، والجراح ، والتشريد واللجوء في كل بقاع الارض إلا اننا مؤمنون وايماننا راسخ كرسوخ الجبال والصخور، بأننا عائدون الى حيفا، ويافا ، وعكا ، واللد ، والرملة، وتل الربيع، وصفد، وبيسان ، وكل فلسطين من اول حبة تراب حتى اخر حبة تراب. فهذا الكيان المصطنع لابد له ان يزول في يوم من الأيام فهذا عهد ووعد ممن خلق السموات والأرض وكيان الاغتصاب نفسه يعرف ذلك وان كل ما يقوم به إنما هو مؤقت لا ديمومة له، كونه يسير في خطوات نحو الغروب، والانكسار والانحسار، اما صاحب الارض والتاريخ يسير بخطى ثابتة نحو الشروق والانتصار.
فغداة النكبة الاليمة قال احد مؤسسي الكيان الصهيوني " دافيد بنغوريون" مقولته الشهيرة "الكبار سيموتون والصغار سوف ينسون " لقد سقط هذا الرهان وهاي النكبة تدخل عامها السابع والستين، وإذا كان الكثيرون من الكبار قد ماتوا فان اجيال الصغار جيلا بعد جيل، لم تنسى ولن تنسى، ومازالوا مستمرين في الكفاح والنضال حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني والعودة فهذا الحق ثابتٌ راسخٌ غير قابل للتصرف، ولا يملك أحدٌ حق التنازل عنه والمساس به في اي حال من الأحوال، فالفلسطيني مرتبط بهذا الحق كإرتباط الشريان بدمه، والقلب بنبضه، والجسد بروحه .. فان النكبة ذاكرة شعب وذاكرة وطن لا تقوى الأيام على إطفاء شعلتها مهما اشتدت اعاصير التحديات وطال الزمن رغم كل الإرهاصات والاستيطان المستعر وجدران الفصل العنصري والقتل والسجن والسجان لن تسطيع دولة الأبرتهايد القضاء على روح المقاومة، وارادة العودة، ولن تقوى على إطفاء شمس الغد، فمهما تفنن الغاصب في قمعه للإنسان الفلسطيني ، ومهما حاول تغيب حاضره فانه لن يكون قادراً على محو الماضي، او سرقة المستقبل فالمستقبل حتما سيكون للثوار ولصاحب الحق و الدار الذي مازال يحتفظ بمفتاحه وهذا المفتاح هو رمز الإصرار على العودة ويتناقل من جيل الى جيل فهو أمانة في الاعناق من الاجداد الى الأبناء والأحفاد، ولا احد سيخون هذه الأمانة لأننا دفعنا من اجلها الكثير من دماء الشهداء الابرار، وأنين الجرحى الأبطال، وآهات وعذابات الأسرى البواسل في الباستيلات.
وفي حسن الختام سنردد ونقول ما قاله الشاعر" حسن البحيري" سأرجع مهما ترامى البعيد ... ومهما توالت دجى الأزمن ... لأحمل ارضك ببين الضلوع ... والثم تربك بالأجفن ... وان وقفت شامخات الجبال ... امام رجوعي الى موطني... فهمة روحي لن تنثني ... وهامة عزمي لن تنحني .. وان الإرادة والتصميم على الثبات والرفض تنطلق من مقومات العقيدة في شعب تعلقت روحه بقدسية فلسطين وعرف ان التفريط فيها تفريط بهذا الدين، فكانت صرخة شعب فلسطين صرخة هوية وعقيدة وكرامة وحرية ولا بد ان تشرق شمسننا الفلسطينية يرونها بعيدة ونراها قريبة وأننا لصادقون ومنتصرون باْذن الله.