اساليب مواجهة الفوضى - عمر حلمي الغول
لا يوجد إنسان أي كانت درجة مسؤوليته، لا يرغب في النجاح، وتحقيق غاياته واهداف عمله بايجابية عالية او على الاقل باقل النواقص والخسائر. لانه كلما احسن واتقن إنجاز عمله ومهمته المحددة دون عيوب واربكات، كلما ارتدت عليه النتائج إيجابا. لكن السمة العامة في مطلق عمل تحدث اخطاء، وترتكب سلوكيات تتناقض مع الرغبات والاهداف نتاج عوامل ذاتية وموضوعية ذات صلة بعمل بعينه.
وإذا ما قصرنا الحديث عن مواجهة ظاهرة الفلتان الامني وفوضى السلاح في محافظات الشمال، فإن التشاباكات الاجتماعية في البؤر الواقعة تحت تأثير المجموعات المشيعة للفوضى والفلتان تحت مسوغات خاطئة وتضليلية، لكنها تعتقد، انها، "تعمل لصالح" التجمع، الذي تعيش بين ظهرانيته او حتى ل"صالح" الشعب. مع ان الذين يقفوا خلف تلك المجموعات، يعلموا علم اليقين، ان غاياتهم ليست بريئة، وبعيدة عن مصالح المجتمع في النطاقين الضيق والواسع. لانه لو فكر كل من شارك او يتضامن مع تلك المجموعات في اي مكان من الوطن، فيما يقوم به او يدافع عنه يتناقض مع مصالح وحدة الشعب ونسيجه الاجتماعي، ويضرب هيبة النظام، من خلال سياسة "اخذ القانون باليد!". لان مجرد حمل السلاح غير سلاح الاجهزة الامنية، وبشكل فردي ولحسابات شخصية او عائلية او مناطقية او تحت اي مسمى، فإن ذلك ينتقص من مكانة ودور الاجهزة الامنية والسلطة التنفيذية عموما. ويهدد ويضعف نفوذها في اوساط الشعب. بغض النظر عن طبيعة القضية، التي يدافع عنها، حتى لو إفترض المرء، انها قضية عادلة. لان الدفاع عن القضايا الاجتماعية او الخلافات التنظيمية او اي كان عنوان وطبيعة المسألأة المثارة هنا او هناك، هو العودة للنظام والقضاء او المرجعيات التنظيمية او باللجوء للاجهزة الامنية عبر التسلسل الوظيفي.
التأكيد على الخطيئة المبدئية، وتحميل المسؤولية الاساسية لمن يحمل السلاح دون ترخيص او لمن يطلق الرصاص ضد وعلى الاجهزة الامنية، لا يعني المواقفة على الاخطاء والمثالب، التي يقع فيها قادة الاجهزة ومنتسبيها أثناء معالجة ظواهر الفلتان الامني. لان هناك: اولا عدم نضوج في قراءة وفهم خلفيات تلك المجموعات المضللة، رغم ان القادة يعرفون جيدا، الاهداف، التي ترمي لها تلك الاعمال؛ ثانيا لم يتم التمييز بين العناصر الشابة المندفعة والواقعة تحت تأثير عمليات غسل دماغ، وبين من يقف خلفهم، ويقوم بعملية غسل الدماغ لتحقيق المآرب الخطرة في الساحة الوطنية؛ ثالثا إستخدام اساليب فجة وانفعالية في معالجة تلك الظاهرة؛ رابعا تشوب صياغة التقارير الامنية عن ظواهر فوضى السلاح شيء من المبالغة، والابتعاد عن الموضوعية في محاكاة الظواهر، والتغطية على الاخطاء والنواقص في المعالجة لجهات الاختصاص.
المسؤولية الوطنية تحتم وضع رؤية سياسية وعلمية لمعالجة ظاهرة فوضى السلاح والفلتان الامني، لحماية النظام السياسي وهيبة ومكانة الاجهزة الامنية، وصيانة وحدة النسيج الاجتماعي، وقطع الطريق على اعداء الشعب، تقوم على : اولا تشكيل غرفة عمليات واحدة للاجهزة الامنية في المحافظات مرتبطة بغرفة عمليات مركزية في مركز القرار؛ ثانيا تشخيص الظواهر ليس فقط من زاوية الاهداف التخريبية، التي ترمي لها، ولكن من زاوية أسبابها، وعوامل وجودها هنا او هناك، ومن يقف وراءها، ونقاط ضعفه وقوته، ودراسة كيفية إفشال مخططها؛ ثالثا الابتعاد عن لغة القوة، واللجوء الى الشخصيات الاعتبارية النافذة (السياسية والاجتماعية والثقافية) في المنطقة عنوان الظاهرة، للاستفادة من نفوذهم للمشاركة في التصدي لمرتكبي المخالفات؛ رابعا الاعتماد على لغة التثقيف والتوعيه السياسية، ومخاطبة عقول المراهقين المضللين، لثنيهم عن مخالفاتهم وممارساتهم، التي تمس بهم وبعائلاتهم وبمنطقتهم؛ خامسا الابتعاد عن سياسة الشخصنة في معالجة تلك الظواهر، لان هكذا اسلوب، يشكل خطرا على الاجهزة والمؤسسة التنفيذية برمتها؛ سادسا آخر اساليب العلاج، يكون الكي. ولكن بعد إستنفاذ كل الجهود الواقعية المستندة الى الوعي والعقل؛ سابعا الفضح المنظم والهادف للشخصيات، التي تقف وراء تلك الظواهر، وفضح مراميها الخطيرة.
بالتأكيد هناك اساليب اخرى، يمكن اضافتها لما ورد اعلاه، والعمل على تطوير المواجهة لهذه الظاهرة، التي تمس بالمشروع الوطني والنظام السياسي الفلسطيني على حد سواء. ووضع حد نهائي لها، وقطع دابر من يقف خلفها.