دفاعا عن الرجوب! - ابراهيم ملحم
في حمأة الاتهامات الظالمة، والحملات الاعلامية الشرسة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي انتشار الفطر بعد المطر، مستهدفة رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم جبريل الرجوب على خلفية سحبه طلبا يقضي بتعليق عضوية اسرائيل في الـ"فيفا" بعد ان استجابت اسرائيل لاربعة من مطالبه الخمسة التي اوجبت تقديم طلب التعليق بسبب اجراءاتها ضد الرياضة الفلسطينية، فان المسؤولية الوطنية والمهنية تقتضي من اصحاب الرأي والرؤية تهدئة اللعب، والتقاط الانفاس وتبريد رؤوس اقلامهم الحامية، ليتسنى لهم اجراء قراءة متأنية لوقائع ما جرى في أروقة الامبراطورية التي لا تغيب عن ملاعبها الشمس، والتي حضرت فلسطين بقوة على جدول اعمالها رغم الزلزال الذي ضربها والعواصف التي هبت عليها عشية طرح الطلب الفلسطيني للتصويت، وهو طلب كان مشروطا بتحقيق مطالب ان تحققت جميعها او بعضا منها، فان سحب الطلب او تعليقه سيكون خيارا مطروحا للنقاش شريطة ان تكون اية تعهدات في هذا الشأن بضمانة الكونجرس الذي صوت بنسبة تسعين بالمئة على اربعة مطالب من اصل خمسة بعد ان اعتبر الطلب الخامس وهو المتعلق بالاندية الاسرائيلية في المستوطنات شأنا يحال الى المرجعيات السياسية لمعالجته، دون ان يعني هذا السحب التنازل عن حق العودة الى الكونجرس في ملاحقة اسرائيل ومحاسبتها في اروقة المنظمة الرياضية العالمية في حال تنكرت لالتزاماتها او تراجعت عن تعهداتها.
ففي الرياضة كما في السياسة، فوز وخسارة، كر وفر، هجوم ودفاع، نجاحات واخفاقات، بطاقات حمراء واخرى اقل احمرارا، في سجالات لا تخلو من الاصابات ويكون الفوز فيها بالنقاط.
في لعبة النقاط سجل الرجل نجاحات كثيرة للرياضة تحسب في ميزان نجاحاته، جلب خلالها امبراطور الفيفا لفلسطين خمس مرات واستطاع حشد التأييد العربي والدولي لمطلبه القاضي برفع الحصار عن الرياضة وتسهيل حركة اللاعبين والسماح للفرق العربية والعالمية للعب على ارض فلسطين.
خلال الساعات التي سبقت اجتماعات الـ" فيفا" وقف زعماء اسرائيل على اطراف اصابعهم خوفا مما سيلحق بهم اذا ما طرح موضوع الطرد على التصويت وهو ما دفعهم للمسارعة عبر وسطاء لتقديم تنازلات واستدعاء كل ما لهم من حلفاء لممارسة الضغوطات، وهو ما تحقق بعد ان تمت الاستجابة لاربعة مطالب بضمانة الـ "فيفا"، ما يعني التقاط الانفاس قبل الجولة القادمة من المواجهة ليس في ملف الرياضة فحسب بل في جميع الملفات التي ستكون حاضرة بكثافة في كل زوايا الملعب السياسي خلال الاشهر القليلة القادمة.
وقد احسن الرجوب صنعا بمنح صوت فلسطين للامير الشاب علي بن الحسين الذي خاض معركة صعبة امام عجوز الـ "فيفا" العائد الى عرشه لولاية خامسة متجاوزا عواصف كادت تطيح به في الدقيقة تسعين.
يستحق الامير العربي التهنئة على جسارته رغم خسارته، مثلما يستحق الاتحاد الفلسطيني التحية على وقفته رغم ما قد يتعرض له وجميع الذين لم يصوتوا لعجوز الفيفا من عمليات تصفية للحسابات بعد ان يفرغ من معالجة اصاباته في مباراة الحسم.
نعم يستحق الرجل الذي نقل الرياضة من المحلية الى العالمية، ومن الحواري والازقة الى الصالات والساحات والملاعب الخضراء، ان ندافع عنه وهو يخوض مباراة لم يطلق فيها الحكم بعد صافرة النهاية .. فالمباراة سجال!