في السادس من حزيران
ستة أيام في حرب حزيران عام سبعة وستين من القرن الماضي، هي الحرب العربية الاسرائيلية الثانية لو اعتبرنا حرب العام ثمانية واربعين حربا حقيقية انطوت على اشتباك جدي مع المشروع الاستعماري الصهيوني وقواته المسلحة.. !!
ستة أيام في الحرب الثانية، كانت تطبخ على عجل الهزيمة الثانية التي سميناها "نكسة"....!!! في اليوم الثاني من هذه الحرب، السادس من حزيران، كان الفلسطينيون بصفة عامة في مخيمات الشتات وبلدانه يعدون العدة للعودة، لأن تحرير فلسطين بدأ، لا بل قد انتهى وهم يستمعون الى تعليقات "أحمد سعيد" من "صوت العرب" وإن هي إلا ايام حتى تبدأ قوافل العودة مسيرتها الظافرة... !!!!
في ذكرى حرب حزيران ينبغي أن نتحدث عن الايام التي سبقت اعلان "النكسة" لأنها كانت بحق ايام الخديعة الاعلامية الكبرى، الخديعة الاذاعية التي قالت لنا إن فلسطين المحررة باتت في متناول اليد، فيما المرارة كانت تتربص بالروح لتلوكه في العاشر من حزيران بضراوة بالغة.
والمغزى والضرورة في الحديث عن هذه الايام، ايام الخديعة الاعلامية، إنما لنرى كم هو الاعلام خداع ومضلل كلما تعلق بالبلاغة والخطاب والشعار، وكلما تعامى عن الواقع وحقائقه ومعطياته، وكلما سعى الى الاستهلاك ورضى "الجماهير" حتى لو كان على خازوق، والذي تبين لنا انه كان "من شرم الشيخ الى سعسع" كما ناح حينها الشاعر الراحل نزار قباني... !! إن هذا الحديث ضرورة حرية ان صح التعبير، كي نتخلص من هذا الاعلام المضلل الذي ما زال في الواقع مهيمنا على العديد من فضائيات الاحزاب الاسلاموية والطائفية والفئوية ومواقعها الالكترونية، وما زال على حال لسانه الذي طالما كان وما زال مهددا ومتوعدا العدو هنا وهناك بردود الزلازل، التي يتبين في المحصلة انها لا تضرب سوى واقعنا كما كان في العدوان الاسرائيلي الاخير على قطاع غزة... !! لا بل ان هذا الاعلام الذي تغنى طويلا بصواريخ المقاومة سرعان ما ارتد عليها بالفتاوى التي حرمتها، واكثر من ذلك بمطاردة مطلقيها والتعهد باعتقالهم، كما جاء في احدث الانباء قبل يومين ان حماس تعهدت لاسرائيل باعتقال الذين اطلقوا صواريخ على مواقعها الجنوبية قبل ايام !! ومع هذا التعهد هناك دردشات الغواية الحرام ورغم ذلك لا يزال هذا الاعلام محلقا في فضاء شعاراته "التحريرية" ومغرما بحروف خطاباته القاصفة الماحقة، التي ساهمت على هذا النحو او ذاك بإنتاج هزيمة حزيران، لكننا لم نعد من أولئك الذين يشترون سمكا في البحر وكنا قد اسقطنا ليل الهزيمة بنور الثورة وحقيقتها، وحيث امتلك شعبنا ارادته الحرة وقراره المستقل تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد ما جعله اليوم اقرب واقرب تماما لانتزاع حريته ونيل استقلاله وبناء دولته بعاصمتها القدس الشريف.
ان ذكرى هزيمة حزيران هي بالنسبة لنا ذكرى الحلم الذي لم نسمح للهزيمة ان تقتله، والمرارة التي لم نسمح لها ان تكون طعم الحياة الوحيد فوق لساننا، والذي لم يعد قابلا للثرثرة والهذربة والخطابة الفارغة.
كلمة الحياة الجديدة - رئيس التحرير