المقبرة الكبرى في الشرق الأوسط - موفق مطر
يسفك الداعشيون الدماء الانسانية، ويذبحون كل من يخاصمهم او يعاديهم ولو بالرأي والمذهب، ويذبحون علنا ابناء آدم من الوريد الى الوريد، ويردونهم من اسطح المباني العالية لارضاء شهوة اجرام ارهابية غرسها امراؤهم في نفس كل عضو من هذه العصابة الدولية المتعددة الجنسيات!
اما قادة حماس فانهم يقدمون الفلسطينيين ( ضحايا مقتولين ) مذبوحين على طريقتها لنيل رضا دولة الاحتلال، وشهادة حسن سيرة وسلوك، وما المواطن يوسف الحنر 27 عاما الذي قتله مسلحو حماس في غرفة نومه وهو بجانب زوجته حسب رواية والدته (الفيديوية) الا الشهادة الأحدث على ما نقول، اما دفع الشباب، مكتوفين، معصوبي العيون، أحياء عن اسطح الأبراج، فقد سبقت حماس داعش بهذا الاسلوب منذ انقلابها في العام 2007، ليس بتهمة شذوذ جنسي كما بررت داعش جريمتها بحق ثلاثة مواطنين في احدى المدن السورية، وانما على خلفية سياسية، فالضحايا هنا كانوا اما منتسبين لقوات واجهزة الأمن الفلسطينية، او اعضاء في حركة فتح. أما موضوع الذبح والسحل علنا، ففي أرشيف انقلاب حماس صور وفيديوهات السوابق، مثل التمثيل بجسد المواطن (سميح المدهون) وضربه بالسيوف والآلات الحادة، وسحله وهو حي، اثر اصابته بطلقات نارية، واجهاز (الضباع البشرية) عليه بأنياب الكراهية والأحقاد والفتاوى التي اسسها ( مشايخ حماس ) وامراء الجماعة !.
وهذا نموذج من مئات النماذج، فكل شاب حطم رصاص مسلحي حماس مفصلي ركبتيه حكاية خاصة، تثبت ان مستخدمي الدين مجرمون، يسفكون الدماء من اجل مصالح دنياهم الخاصة التي يحرصون على تغليفها بسوليفان الدين، يحرمون الحلال، ويحللون الحرام، والخيانة الوطنية، والكفر، ما دام خراج فتاواهم يعود الى صندوق جماعتهم، ويعزز مكانتها في سلطتهم الدنيوية المخادعة.
عندما سألتني زميلة اعلامية عن رأيي في موضوع التنسيق والعرض الذي قدمته حماس في القطاع لمساعدة دولة الاحتلال ( اسرائيل ) لاطفاء حريق شب بالقرب من موقع صوفا العسكري جنوب القطاع، اجبتها بنقطتين، كانت الأولى:
لا مشكلة ان كان التنسيق من اجل قضايا انسانية- رغم ان الحريق كان بمحيط موقع عسكري وليس في مناطق سكنية!
لكنا نقيم ما تفعله حماس بهذا الصدد انه تنفيذ دقيق لبنود اتفاق الهدنة مع اسرائيل عام 2012 تم برعاية واعلان من الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، اتفاق نص على ايقاف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة باتجاه حدود وداخل اسرائيل..
أما النقطة الأخرى فهي ان حماس تقدم شباب الشعب الفلسطيني قرابين على مذبح ( الكاهن الأكبر ) في الشرق الأوسط ( اسرائيل) لكسب ثقتها ورضاها، فيما مليونا فلسطيني تقريبا في قطاع غزة، مشاريع ضحايا على مذابح القوى الاقليمية ( الطاحشة ) في المنطقة، فمرة تكون الحرب من اجل عيون الفرس الجدد، ومرة من اجل العثمانيين الجدد، ومرة من اجل الجماعة!.
لم يمض اسبوع على حملة حماس على السلفيين في قطاع غزة، وقتل الشاب الحنر كرسالة مخطوطة بالدم لمن يعنيه الأمر، مفادها ان داعش البغدادي ما زالت صغيرة على مناكفة ومزاحمة وحتى مصارعة ( داعش الاخوان )، لم تمض الا بضعة أيام حتى بدأ قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال الاسرائيلي، اللواء سامي ترجمان- اصيب في الحرب الأخيرة على غزة -، بكتابة شهادة التقدير لحماس، فهو القائل: "إن "حركة حماس تبذل جهودا كبيرة من اجل بسط سيطرتها وهيبتها على الفصيل السلفي الذي قام افراده باطلاق القذائف باتجاه اسرائيل خلال الاسبوعين الاخيرين..فاسرائيل لا تزال تعتبر حركة حماس المسؤولة عن استتباب الهدوء وضبط الامن في القطاع".
تنادي حماس بالمقاومة ضد اسرائيل في الضفة، لكن دماء الفلسطينيين ترخص في سبيل التنفيذ الدقيق للاتفاقات مع دولة الاحتلال في قطاع غزة، فمصطلح ( المقاومة ) حلال وواجب وطني في الضفة، لكنه خياني، عبثي، صبياني، و(جكر) في قطاع غزة كما عبر عن ذلك قياديون حمساويون آخرهم صلاح البردويل، فقادة حماس يعتقدون أن حفظ امن اسرائيل هو الثمن المطلوب للحصول على ميناء لدويلتها، بعد تدمير مصر الأنفاق على الحدود، اما اسرائيل فليست بصدد اختبار قدرة حماس على اداء هذه المهمة، لمنحها اجازة الميناء، وانما لكشف واقع وحقائق الانقسامات الداخلية في خلايا حماس وتحولها الى ( خلايا داعش السرطانية )، فدولة الاحتلال معنية بابقاء غزة كمرجل يغلي ما فيه على ( جمر التهدئة ) تحت الرماد، اما حماس فمعنية ومشغولة بتأمين اسباب البقاء لا اكثر، حتى لو كان الثمن تحويل قطاع غزة الى اكبر مقبرة في الشرق الأوسط.