المال السياسي في غزة - حسن سليم
يعرف المال السياسي بانه المال الذي يدفعه شخص او جهة، لشخص او جهة او لجمهور نظير ان يحصل الدافع من المدفوع لهم على مصلحة سياسية.
ويتصل بهذا المصطلح من حيث الهدف، ما يعرف بالرشوة، والتي يهدف الراشي من خلال ما يدفعه او ما يقدمه من خدمات ان يحصل بغير حق على منفعة من المرتشي. والمرتشي هنا هو الجمهور او المتلقي للمال السياسي، والتي يقدم مقابلها خدمات لشخص او جهة دون وجه حق، او يناصره دون قناعة، وذلك تحت ضغط الحاجة والضائقة التي يعيشها.
تعريف المال السياسي كان واجبا في التقديم للحديث عما يتم انفاقه وضخه من مال في غزة من خلال جمعيات مسيسة او افراد يسعون لتحقيق مبتغى سياسي لهم للصعود على درجات سلم السلطة.
أمس الأول أعلنت دولة خليجية من خلال احد " أزلامها " أنها ستدعم الآلاف من عائلات شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عام 2014 بتوزيع " منحة الشهيد " بقيمة لكل أسرة، ومعونات غذائية، وذلك قبيل شهر رمضان المبارك، بالرغم من وجود مؤسسة رسمية ( مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى ) التي تُعنى بأسر الشهداء والجرحى، دون تمييز على أساس الانتماء السياسي، أو الجغرافيا، وحقيقة الأمر غير ذلك بل استعبادهم واستغلال الظروف المادية الصعبة لهم، والظروف المادية الصعبة للسلطة الوطنية، بغرض حشد التأييد لصالح " زلمها " والمساعدة على تبييض صفحته.
وسبقت هذه الحفلة من العطايا، حفلة زواج جماعي لأربعة الاف عريس وعروس نظمتها جمعيات حمساوية بتمويل من الحكومة التركية، اشرف على التحضير لها محمد غورماز رئيس الشؤون الدينية التركي، خلال زيارته الاخيرة لقطاع غزة، رافقه انتشار واسع للافتات في شوارع رئيسة بمدينة غزة، كتب عليها "شكرًا تركيا.. أفراح فلسطين"، وصورا كبيرة يظهر فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإلى جانبه نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية.
وقطر بالطبع حاضرة ولم تغب عن المشهد في تسريب الاموال لشريان سلطة حماس لضمان بقائها، بعيدا عن القنوات الرسمية للسلطة الوطنية، باستثناء الفتات التي ترسله بين الفينة والأخرى للدلالة على التزامها بالتعامل وفق الاصول، وحقيقة الامر غير ذلك، سواء من حيث الدعم السياسي او المالي.
وما بين دعم تلك الدول المدعية بياض الكف فرق، فكل يغني على ليلاه، وحملهم للعصا - مع فارق التشبيه - كحال سيدنا موسى مع عصاه من أجل التوكأ عليها او الهش بها على الغنم، بل لهم فيها مآرب أخرى.
ان الوطن العربي بمساحته الزائدة عن 14 مليون كم2، ودوله الـ 22 لم توفر لحماس ما وفرته دمشق من دعم عسكري ومادي من خلال ايران وحزب الله، وما سخرته لها من امكانيات وقنوات مع العالم، وعندما اختلفت المصالح صبت على دمشق الماء البارد، وهربت لتبحث لها عن مخبز آخر تأكل منه، او عن ممول لانشطتها، فوجدت في تركيا مبتغاها، وفي بعض دول الخليج، سواء بالتعاقد معها مباشرة او من خلال سماسرة، يعملون بنظام النسبة مما يجلبون من اموال.
ولكنها في المحصلة لن تسمح لآخرين ان ينتفعوا من " دكانة غزة "، الا وفق ما تريد، وان كان قد سمحوا للبعض ان يسترزق مؤقتا، فسريعا سيتم الاستيلاء على " الدكان " ويخرجون الشركاء الواهمين منها، دون ان يحصلوا على حصاد السياسة من مال سياسي اغدقوه.
شكرا لكل من يدفع، هذه هي العلامة التجارية للعلاقة بين سلطة حماس والازلام، وبين من يدفع ويرغب بالتجارة فيها، لكن الغريب ان الا منهم لم يقل شكرا لمن دفع دمه ووجعه في معركة لم يقرر، او يشارك في قرار المشاركة فيها، بل كان حالهم كمن يحضر حفلة عرس، دون أن يكون له دور فيها سوى نقل الحطب والماء لحفلة عشاء لمدعوين لم يدعهم.