الانقلاب وذكراه السوداء - عمر حلمي الغول
طوى الانقلاب الحمساوي الاسود ثمانية اعوام كاملة. مازال الانقلابيون، اعداء وحدة الارض والشعب والمشروع الوطني، يتخندقون في مواقع رفض المصالحة الوطنية. يعيثون في محافظات الجنوب فسادا وتخريبا وإنتهاكا لابسط حقوق الانسان، غير آبهين باية معيار من معايير الوطنية الفلسطينية.
ثمانية اعوام طوال، إنقضت وابناء الشعب في قطاع غزة تئن تحت وجع التمزيق والتفتيت والارهاب الاسود، الذي نفذته، وتترجمه يوميا ميليشيات حركة حماس باوامر قياداتها المتنفذه وللاسف تحت يافطة ممزقة عنوانها "المقاومة". والدليل القديم الجديد، انه رغم مرور اكثر من عام على حكومة التوافق الوطني، إلآ ان قيادة الانقلاب الحمساوية، تحول دون تمكين الحكومة من تأدية دورها الوطني والاجتماعي والاقتصادي، وذلك تكريسا لمقولة اسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الذي اعلن مع تسلم حكومة رامي الحمدالله مسؤولياتها: إننا نترك الحكومة، ولكن لم نغادر الحكم!! وهذا ما اكدته وقائع الحياة طيلة الشهور الماضية، حيث تمارس حكومة الظل الحمساوية مهام حكومة التوافق الشرعية.
ولم يقتصر الامر عند حدود الحكومة، التي تعمل حركة الانقلاب على إفشالها، ووصد الابواب في وجهها لايصال القيادة الشرعية إلى طريق مسدود، لانها لم تؤمن منذ تواجدت في المشهد السياسي بالشراكة السياسية، ولا بالوحدة الوطنية، ولا الاهداف والمصالح العليا، ولا بمنظمة التحرير، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، لانها وجدت في الساحة الوطنية للعب دور البديل عنها، لانها تأسست لتكون جزءا لا يتجزء من مخطط إسرائيل المعادي للشعب واهدافه الوطنية. ولعل دردشاتها مع اسرائيل، والاصرار على مشروع الانفصال وبناء الامارة التكفيرية في محافظات الجنوب بدعم من الدول العربية والاسلامية الراعية والداعمة لجماعة الاخوان المسلمين ومن يقف خلفهم من الاقطاب الدولية وخاصة الولايات المتحدة، التي تعمل بقوة على تكريس التنظيم الدولي للاخوان في المشهد السياسي العربي وليس الفلسطيني فقط ، تؤكد الحقيقة المذكورة آنفا.
كما ان قيادات وابواق وناطقي حركة حماس السياسيين والاعلاميين والامنيين شنوا، ومازالوا يشنوا الحملة تلو الاخرى على شخص الرئيس محمود عباس خصوصا والكل الوطني عموما، تضيف عامل جديد لخيار قيادة حركة حماس الانقلابي، المتناقض مع وحدة الارض والشعب والنظام السياسي الفلسطيني.
آن الاوان لانتزاع قطاع غزة من تحت سيطرة الانقلابيين الحمساويين عبر كل الوسائل والسبل. ولم يعد مسموحا إستمرار الفصل التعسفي بين ابناء الشعب الواحد، لما لذلك من اخطار حقيقة على المشروع الوطني. من يريد الوحدة الوطنية، وحريص على مصالح الشعب العليا الوقوف في وجه الخيار الحمساوي، والعمل على دفنه. ولا يجوز لابناء الشعب في قطاع غزة الانتظار من اي شخص مهما كان موقعه إعادة الاعتبار لوحدة الارض والشعب. وتجربتا الثاني عشر من نوفمبر 2007 والرابع من يناير 2013 دليل عميق على قدرة الشارع الوطني رفض خيار الانقلاب، والتمسك بالوحدة، وبالتالي آن ألآوان لان يخرج الشعب وقواه الحية ليحطم ركائز الانقلاب الحمساوي من خلال اعلان العصيان المدني الشامل، ولتطهير القطاع من كل الجماعات التكفيرية، التي بات تشكل تهديدا حقيقيا للمشروع الوطني، لانها ليست افضل من حماس، بل هي الامتداد الابشع والاسوأ لجماعة الاخوان المسلمين في فلسطين والارض العربية كلها.
الفرصة الان متاحة للاتجاه الايجابي في حركة حماس لحمل راية الوطنية، وتحطيم راية الانقلاب والانقسام والامارة. وعليهم مسؤولية كبيرة في إطلاق شرارة الانعتاق من الانقلاب الاسود، والاسهام في اعادة الاعتبار لوحدة الارض والشعب والقضية والنظام السياسي الديمقراطي. فهل ينتصر انصار هذا الاتجاه لوطنيتهم واهداف شعبهم؟