قناة ال48 التحدي الثاني- عمر حلمي الغول
بإنطلاقة فضائية فلسطين 48 في الاول من شهر رمضان الفضيل، تكون القناة تجاوزت التحدي الاول. كون الاعداد والتحضير واختيار فريق العمل وهيئته الاستشارية وكافة الترتيبات الفنية واللوجستية، مثلت التحدي الاساس لهيئة الاذاعة والتلفزيون. وبفضل الجهود الحثيثة بات التحدي الاول خلف ظهورنا.
لكن نتنياهو، رئيس الوزراء، ووزير الاتصالات الاسرائيلي، لم يَّرقْ له الامر، فأمر مدير عام الوزارة بالعمل على وقف بث الفضائية الجديدة، التي ستنقل هموم وشؤون ابناء الشعب العربي الفلسطيني في الجليل والمثلث والنقب، وتغني وتعمق روايتهم الوطنية في ارض الاباء والاجداد، الفصل الاهم من الرواية الفلسطينية الام، لانه وإئتلافه الحاكم يخشى من مجرد عرض الصورة كما هي للفلسطينيين العرب المتجذرين في فلسطين التاريخية. كونه يعلم ومجموع الاحزاب الصهيونية بمختلف مشاربها واتجاهاتها، ان التأصيل للرواية الوطنية تتناقض مع الرواية الصهيونية، التي تسعى الحركة الصهيونية ودولة إسرائيل منذ أن قامت، تعمل على إلغائها وطمسها كليا. لذا لا يمكن لحكومة اليمين المتطرف السماح للقناة الفلسطينية بمواصلة مشوارها بسهولة، بل ستعمل كل جهودها لتعطيلها، ووقف بثها جزئيا او كليا.
مع ان اجراء رئيس الحكومة الاسرائيلية، يتنااقض مع ما يدعيه هو واركان وزارته عن "ديمقراطية" دولته الكولونيالية. لانه يحمل في طياته المس بالحد الادنى البسيط المسموح به من الاستقلالية النسبية للسلطة الوطنية، لان إغلاق فضائية48 قد تؤثر على بث الفضائيات الفلسطينية المختلفة. وبالتالي تدفع الامور نحو متاهات جديدة من التوتر والسخط والغليان الشعبي والرسمي الفلسطيني. وحتى بمعايير القوانين والمواثيق الدولية، فإن الاجراء الاسرائيلي الخطير، يمس بمكانة وهوية ابناء الشعب الفلسطيني، الذين لا احد يستطيع حرمانهم من التعبير عنها عبر وسائلهم ومنابرهم الاعلامية والثقافية والاكاديمية، لان عددهم، الذي يزيد على المليون و200 الف نسمة، يتيح لهم كاقلية ليس فقط التعبير عن لغتهم وثقافتهم القومية، وانما الحكم الذاتي الكامل.
لكن حكومات إسرائيل المتعاقبة وخاصة حكومات نتنياهو الاربع، عملت بخطى حثيثة دون خشية او إعتبار لاي معيار قيمي او اخلاقي او سياسي على تبديد الرواية الفلسطينية، من خلال مواصلة نفي الرواية الفلسطينية، وتعميق الانتهاكات العنصرية، وملاحقة منابرهم وشخصياتهم واحزابهم المعبرة عن امالهم واحلالمهم وهمومهم القومية على مدار الاعوام والعقود الماضية. ولعل من يراقب انتهاكات اسرائيل ووزارات الثقافة والاتصالات والتعليم والداخلية ...إلخ وخاصة رسائل التهديد والوعيد للقائمين على مسرح "الميدان" و"المينا" وملاحقة الفنانين والمثقفين الفلسطينيين، يتأكد ان حكومة الائتلاف اليميني المتطرف لن تتورع في إرتكاب اي جريمة ضد الفضائية الفلسطينية الجديدة. الامر الذي يفرض على اولا القائمين على القناة الواعدة بمواصلة البث وفق الدورة البرنامجية لها؛ ثانيا التصدي لاي اجراء إسرائيلي باللجوء للمحاكم والقضاء الاسرائيلي، ورفع الدعاوي لايقاف جريمة نتنياهو الجديدة؛ ثالثا الاستعانة بالمؤسسات الثقافية والقوى الديمقراطية الاسرائيلية، واستنفار ابناء الشعب الفلسطيني في داخل الداخل في مختلف القطاعات للحؤول دون تنفيذ رئيس وزراء إسرائيل تهديده؛ رابعا اللجوء للمنابر العربية والدولية ذات الاختصاص، اتحادات وهيئات ومؤسسات على مختلف الصعد بما في ذلك الامم المتحدة لوقف الانتهاك الاسرائيلي الجديد.
معركة الدفاع عن قناة فلسطين 48، هي جزء لا يتجزء من معارك الدفاع عن الرواية الوطنية الفلسطينية، والتأصيل لها، وامتدادا للنضال الوطني الفلسطيني السياسي والاجتماعي التحرري. فليقف الكل الفلسطيني اينما كان في الوطن والشتات وفي الجليل والمثلث والنقب صفا واحدا دفاعا عن احد المنابر الهامة في إبراز وتعميق الرواية الوطنية.
oalghoul@gmail.com
a.a.alrhman@gmail.com