حكاية التصاريح ودخول القدس - حافظ البرغوثي
عندما أعلن أرييل شارون اعتزامه الانسحاب أحاديا من غزة سألت الرئيس الراحل ياسر عرفات عن موقفه فقال بهدوء, هو عاوز ينسحب وليفعل ما يشاء.. لا دخل لنا في الموضوع.
أذكر هذا بعد الضجة التي أثيرت حول سماح الاحتلال بدخول القدس المحتلة أثناء شهر رمضان الفضيل وانتشار أنباء مغرضة عن أن السلطة منعت توزيع تصاريح الدخول مع ان قرار الاحتلال لا يحتاج الى تصاريح بل الدخول يتم وفقا للأعمار.
نحن نطالب المسلمين بزيارة القدس الشريف وصدرت اجتهادات مضادة ذات طبيعة حزبية اخوانية قرضاوية تعارض ذلك ومع ذلك فإن زيارة القدس الشريف لا تعني التطبيع مع الاحتلال لأن هدفها الحرم القدسي الشريف..
ولا يمكن لمن يدعو المسلمين في الخارج لزيارة القدس أن يمنع الفلسطيني من الزيارة فالحكاية ليست كذلك.. كل ما في الأمر أن الاحتلال يريد من السلطة توفير الباصات عند حواجز قلنديا وبيت لحم لنقل الركاب ثم قيام الشرطة الفلسطينية بتفتيش الركاب والباصات والتدقيق في أعمار الركاب واعادة من لا تنطبق عليه شروط الدخول عمريا بمعنى آخر أن تصبح الشرطة جزءا من المنظومة الأمنية الاسرائيلية, وأن تشتبك الشرطة مع أي مواطن غاضب على منعه من الدخول.. وهكذا فتنشأ مشاكل بين الفلسطيني والفلسطيني والاحتلال لا دخل له ثم ان دخول القدس المحتلة ليس منة احتلالية بل هو حق لكل فلسطيني لأن القدس المحتلة عاصمة الدولة الفلسطينية واذا شاركنا رسميا في هذا فكأننا نسلم للاحتلال باحتلاله للقدس رسميا وشعبيا بل وندعمه.
الدخول الى القدس حق طبيعي لكل فلسطيني, واسرائيل عمليا لم تتخذ هذا الاجراء عن عطف مفاجئ بل في سياق مشروعها للسلام الاقتصادي لتقويض القضية الوطنية السياسية وتذويبها.
وهذه التسهيلات في اصدار التصاريح واجراءات الدخول فيها منافع اعلامية واقتصادية وسياسية جمة لاسرائيل تفوق ما لنا وبالتالي يجب أن نفهم هذه المسألة بأبعادها المختلفة قبل اطلاق الأحكام المسبقة. فالدخول من عدمه يرجع للاحتلال وهو المكلف بالتدقيق والتفتيش وهذه ليست دعوة لعدم زيارة القدس الشريف بل إن وعي المواطن كفيل بجعل الزيارة للعبادة ولانعاش اقتصاد أهلنا في القدس فقط دون المرور على المحفزات الاسرائيلية التجارية. وهذا يتطلب من تجارنا سواء في القدس أو في الضفة طرح أسعار منافسة للأسعار الاسرائيلية لأن المستهلك يبحث دوما عن الأفضل والأرخص.