الحكومة القادمة واشتراطات المشاركة - حسن سليم
تخطئ حماس بعدم مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية المزمع تشكيلها، بل وتحشر نفسها في عزلة يدفع ثمنها اهلنا في القطاع دما وجوعا وهم ما زالوا يدفعون ذلك منذ اكثر من سبع سنوات.
وما يرشح من تصريحات عبر الناطقين باسمها، حول اشتراطات غليظة من شأنها ان تجعل مشاركتها في الحكومة مستحيلة، لاستحالة القبول بشروطها غير الواقعية.
وفق ما تطرحه حماس، فإنها ترى ان الجهة التي تباشر تشكيل الحكومة وترعى التشاور بشأنها هي " الإطار القيادي المؤقت " وليس م.ت.ف، متناسية ان الإطار المؤقت ورغم اهميته في جمع الكل الفلسطيني بما فيه من هم خارج إطار م.ت.ف، الا انه لا يستند الى أي اساس قانوني يمكنه من مباشرة مهام سياسية او محاسبة للسلطة في أدائها، ومعروف ان الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، وان المؤسس للسلطة الوطنية عبر اتفاقات وقعها، هي "م.ت.ف".
وللتذكير فقط فان الإطار القيادي المؤقت، والذى بدأت الفكرة والنقاش حوله عندما تم طرح ملف تفعيل اطر منظمة التحرير عام 2005 وفقا لاتفاق القاهرة، لم يتم إعطاء هذا الإطار أي صلاحية، سواء فيما يتعلق بشأن الحكومة، أو بالشأن السياسي، وتوقف العمل به عندما نفذت حماس انقلابها في حزيران 2007، الى ان عادت جولات الحوار الوطني ولقاءات المصالحة وتم التوصل الى اتفاق القاهرة 2011، وتضمن ما اصطلح عليه في الورقة المصرية وما سمي بالإطار القيادي المؤقت الجمع بين أعضائه الأمناء العامين للفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذية، وتم الاتفاق في حينه على ان منظمة التحرير هي مرجعية السلطة الوطنية، وبالتالي فقد أصبح واضحا وفقا للاتفاق القاهرة بأن "م.ت.ف" هي المرجع، وحدد ما هي صلاحياتها، وهذا ينفي أي لغط يثيره الناطقون باسم حماس او من يسيرون في ركبها حول أحقية الإطار المؤقت في إدارة دفة الشأن السياسي.
أما اشتراط حماس الثاني والمتعلق بان لا يكون للحكومة المزمع تشكيلها برنامج سياسي، فيعد هذا الشرط ممارسة للتحايل على الجمهور قبل القانون، فليس واقعيا بان لا يكون للحكومة هوية سياسية، الى ان حماس تريد التهرب، خوفا من الاعلان صراحة عن موقفها من التفاوض مع اسرائيل الذي لم يعد سرا يمكن دفنه، ومن الناحية القانونية، فهي وفقا للقانون الأساسي وحسب ما نصت عليه المادة 46، فان مجلس الوزراء يساعد الرئيس في أداء مهامه وممارسة سلطاته، وهذا يؤكد على ضرورة الانسجام في الرؤية والمواقف السياسية بين الرئيس وحكومته، فهي ذراعه اليمين.
صحيح أن الحكومة هي الجسم التنفيذي،لا شأن مباشر لها بالقرار السياسي، لكنها تنفذ السياسات والقرارات والتوجهات للنظام السياسي، وهذا يتطلب موافقة وانسجاما لضمان التنفيذ، وإلا سنكون أمام نظامين سياسيين مختلفين.
اما فيما يتعلق باللجنة الرباعية، فمعروف ان مبعوثها توني بلير الذي تسلم منصبه في حزيران 2007، قد استقال ولم يعين بديلا عنه، واصبحت اعمال اللجنة ومهامها من الماضي اذا ما تم تقييم عملها، والنظر الى السقف الزمني لبرنامجها الذي كان بنهاية 2012، لكن الأكثر غرابة أن تتذرع باشتراطها للمشاركة في الحكومة ان لا تعترف بشروط اللجنة الرباعية، فيما وقعت على نصوص اتفاق التهدئة 2012 الذي حمل نصوصا ومواقف أكثر تشدد بكثير من شروط الرباعية. ناهيكم عن اتفاق الهدنة والتهدئة وتبادل الأسرى.
اذا صدقت الرؤية بالنية لتعطيل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ووضع العصي في دواليبها، فان ذلك يشكل دلالة واضحة أن رهاننا على صوت المتعقلين في حماس كان خاسرا، وان صوتهم بقي حبيس الغرف المغلقة، وان صوت الانقسام والهروب بقطاع غزة وبالمليون وثمانمائة الف من سكانه الى المجهول بغباء سياسة هو الطاغي، وان الحركة رغم المتغيرات في المنطقة لم تحسن بعد أن تقرأ المستقبل.
والى جانب حركة حماس، يبدو ان فصائل اخرى تفضل الهروب الى الأمام، من خلال موقفها بعدم المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية، رغم ان ذلك كان مطلبها منذ زمن، الا أن الواضح ان الرغبة بالمشاهدة لمسلسل الانهيار من الخارج اصبح مغريا اكثر لهم، فذلك يعفيهم حسب اعتقادهم من المسؤولية، ويعطيهم الفرصة بشكل اكبر لتوجيه النقد واللوم عند القصور، وكان الأولى، والواجب يحتم عليهم التصويب من الداخل.