ثمن وساطة بلير - عمر حلمي الغول
بعد ان غادر موقعه كمبعوث للرباعية الدولية مرغما، لاسيما وان اللجنة الاممية نفسها، لم يعد لها وجود بالمعنى الفعلي، بعد ان انهت مهمتها في تبديد دور الشرعية الدولية، وتسويف جهود حل الصراع على المسار الفلسطيني الاسرائيلي إنسجاما وتساوقا مع الرغبة والرؤية الاسرائيلية، مازال طوني بلير، الرجل المنبوذ في بريطانيا واوروبا، يحوم كالغربان في اجواء المنطقة، حيث تشير بعض الاوساط العليمة، انه يسعى لاقامة مركز دراسات في شؤون الصراع العربي الاسرائيلي، تعزيزا لتجارته وسمسرته المدرة للارباح، وايضا للبقاء قريبا من عشيقتة الاسرائيلية، والاهم كي يخدم الاهداف الاسرائيلية في تصفية القضية الفلسطينية.
آخر مهام البريطاني القبيح، هي اللعب على وتر الوساطة بين حكومة نتنياهو وحركة حماس بشأن المحجوزين في غزة: أبرهة منغيستو، الاثيوبي الاصل، والفلسطيني البدوي من عرب النقب، حامل الجنسية الاسرائيلية، اللذين سلما نفسيهما بارادتهما للانقلابيين في غزة، اضف الى مبادلة أشلاء جثماني الجنديين "شاؤول آرون" و"هدار غولدن".
إثارة موضوع تبادل الاسرى مع حركة حماس الان، وفي هذه اللحظة بالذات، تبدو معدة ومخطط لها سلفا، لان كل من منغستو والبدوي، لهما فترة عند حماس. ولم يتم ابلاغ الكبنيت الاسرائيلي عنهما ولا رئيس المعارضة؛ أضف إلى ان ذهابهما بارادتهما للقطاع، لم يكن وليد الصدفة او ناتج عن جهل الجغرافيا والتوهان، انما لوجودهما هناك دوافع اخرى من السابق لاوانه الجزم فيما كانا يحملانه لحركة حماس او سبب إرسالهما من قبل اجهزة امن إسرائيل لغزة، لان حدود القطاع ليست مدن وقرى الضفة الفلسطينية حيث يرتع مئات الاف من قطعان المستعمرين في المستوطنات الاسرائيلية المقامة على الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وبالتالي إثارة امرهما بطريقة دراماتيكية يحمل في طياته لغزا ليس معقدا، ويمكن الافتراض ان سبر اغواره ممكنا، او الاجتهاد في وضع سيناريوهات تتعامد مع المنطق العقلي، وتقبل القسمة على ما يجري من مشاريع تلميع لحركة الاخوان المسلمين المختطفة للقطاع في غزة، ودعم خيار الامارة الغزية على حساب المشروع الوطني، وإعطاءها "بريقا كفاحيا" بالافراج عن بعض مئات الاسرى، ومن خلال ذلك، كبح سخط وغليان الشارع الوطني في المحافظات الجنوبية، الرافض لخيار الانقلابيين الحمساويين.
غير ان تمرير عملية التبادل، التي كلف بادارتها من قبل رئيس الحكومة الاسرائيلية، العقيد ليئور لوهان او (لوتان) مع قيادة حركة حماس، التي فشلت في إحداث إختراق فيها، او بتعبير آخر، أُفسح المجال امام طوني بلير، لتسليط الضوء على حضوره في المنطقة، قد يستغرق وقتا لاعطاء مصادقية لعملية التلميع لحركة حماس وبلير على حد سواء.
ووفق المعطيات الراشحة حول الجثامين وتبادلها، ابلغت حكومة إسرائيل الوسيط، بان لديها جثامين خمسة وعشرين مقاتلا من كتائب عز الدين القسام (حماس) وسرايا القدس الذراع العسكري لحركة الجهاد الاسلامي. وكل ما لديها عند حماس بعض اشلاء للجنديين آرون وغولدن، وبالتالي الثمن قد يقتصر على تبادل الجثامين، غير ان حركة حماس، تدعي انها ليست متأكدة من اعضاءها، الذين سقطوا في المعركة. أضف الى ان موضوع منغيستو ومحمد سيأخذ بعض الوقت للغاية المذكورة سابقا، لكن الثمن لن يكون كبيرا، خاصة وان العديد من الاصوات المرتفعة في اوساط الائتلاف الحاكم والمنابر الاعلامية الاسرائيلية، ترفض تقديم اي ثمن في مبادلة من سلموا انفسهم لحركة حماس.
مع ذلك، لا يمكن لفلسطيني وطني إلآ ان يرحب باي إقراج عن اي اسير فلسطيني، بغض النظر عن الحزب او الفصيل، الذي يتبع له. لكن لا يجوز ان يكون الثمن باي حال من الاحوال الانفصال، واقامة الامارة وتلميع الانقلاب وطوني بلير، الصهيوني الانكليزي.