نظام اقليمي- حافظ البرغوثي
ارتد الارهاب الى تركيا التي حاولت التملص منه ومهادنة الجماعات والقوى التي تقتتل في العراق وسوريا.. وحاولت طرح نفسها الأب الروحي للسنة انطلاقا من الارث العثماني، فيما نجحت ايران في العراق واقامت نظاما وميليشيات موالية كما كان في عصر العلقمي ثم اسماعيل الصفوي.. فالعالم العربي يعود تقريبا الى مرحلة الغزو المغولي والحملات الصليبية حيث سهلت هذه الحملات والغزوات انهاك العالم العربي ما جعله يسقط صاغرا في ايدي الصفويين والعثمانيين.. وهؤلاء فرضوا حكما ظلاميا غير نقي ادى الى ان يرث الاستعمار الحديث الارض العربية وهي قاعا صفصفا لا حضارة فيه ولا تنمية مجرد شعوب منهكة فقيرة.
الآن ثمة منطقة آمنة لايران في العراق لا يجادلهم فيها أحد.. وتحاول تركيا فرض منطقة آمنة في شمال سوريا بعد أن ارتد الارهاب اليها وكأنها دخلت في قطيعة مع تنظيم "الدولة الاسلامية" داعش ومع اكرادها واكراد سوريا والعراق اذ تجاهل الاتراك في خضم سعيهم لاسقاط النظام السوري واخضاع سوريا او على الاقل شمالها الى وصايتهم المخطط الاميركي الاسرائيلي بدفع الاكراد الى اقامة دولة كردية تمتد من كردستان العراق حتى شمال سوريا مرورا بالعراق، فتركيا لم تحسب حسابا لوجود اقلية تركية في اراضيها هي اكبر تجمع كردي اي اكثر من العراق وسوريا وايران.. وها هي الآن دخلت صراعا مجددا في عقر دارها لحساباتها الخاطئة.. وايران ايضا التي تحتفل بالاتفاق النووي ستشهد بعد فك الحصار الاقتصادي عليها تململ الاقليات وهي الاكثر تعقيدا في المنطقة لانها اقليات دينية ومذهبية وعرقية اكثر من سوريا والعراق.. ففيها سنة وشيعة ومجوس وزرادشتيون ويهود وبهائيون وعرب وفرس وبلوش واكراد وتركمان، وسيبدأ ترويض ايران لاحقا مع تحسن الوضع الاقتصادي حيث ستبدأ اثارة الفتن والقلاقل فيها مثلما هو حال العراق وسوريا وتركيا.
ليس هناك من هو بعيد عن الفتن وشرورها الا اذا اصلحت هذه الدول ما بداخلها وكبحت طموحاتها التوسعية وتفاهمت مع الجيران بعيدا عن الاملاءات والتدخلات الغربية المشبوهة.
فلا نجاة لتركيا ان تحالفت فقط مع قطر واميركا وجماعة الاخوان واسرائيل ولا نجاة لايران ان تحالفت مع ميليشياتها في العراق وقوى في سوريا ولبنان واليمن.. ولا امن في دول الخليج ان خضعوا للتوجيهات التركية والقطرية والاميركية. تستطيع السعودية وتركيا وايران ومصر حل المشاكل البينية وارساء اساس نظام تعاون اقليمي يجنب المنطقة صراعات وفتن محتملة اكثر من الجارية، فالكل مسلمون فلماذا يحتاجون للقساوسة الغربيين وحاخامات لمباركة جثثهم في ميدان الفتن لماذا لا يصلون على النبي ويتفاهمون؟