حرق الأطفال مقدمة لحرق الحلم الفلسطيني - د.مازن صافي
حرق الرضيع علي دوابشة، ليست حادثة عابرة، لكنها تعمد القتل بأبشع الصور، وفي حرب اسرائيل على قطاع غزة العام 2014 شاهدنا الكثير من الصور المشابهة لجسد الطفل علي المحترق، وأعضاء سوداء مفصولة عن جسد محترق غابت ملامحه، فالفعل ليس استيطاني فقط، بل هو قرار اسرائيلي لحرق الجسد والروح الفلسطينية، وتم قتل وحرق المئات من الأطفال، ونتذكر مجزرة عائلة النجار ورفح، وقصف منطقة الشاطئ وقتل مجموعة من الأطفال كانوا يلعبون، وكانت مجزرة ضمن مجازر متواصلة.
أمام كل هذا ما هو المطلوب، وفي نفس الوقت هل بالفعل المؤسسات الدولية "قادرة" أن تقوم بفعيل قراراتها لمحاكمة مجرمي الحرب والدماء من المحتلين وقطعان المستوطنين، وهل سوف ننتظر طويلا حتى يموت ألف "علي" آخر وتفوح رائحة الحرق في كل مكان، وهل يستمر غياب أي فعل اقليمي او دولي والتخلي عن دورهم الفعلي و الحقيقي الذي "يمارس" في كل العالم بإستثناء الأراضي المحتلة، وتستمر عمليات القتل والاجرام الصهيوني ضد الانسان الفلسطيني.
وبعد أكثر من عام لا تزال المحاكمة "الوهمية " للقتلة الثلاثة المتهمين بقتل الطفل محمد أبو خضير "16 عاما" في 2/7/2014 مستمرة في القدس، وقد خطف وعذب وأحرق وهو على قيد الحياة على أيدي مستوطنين ارهابيون متطرفين، وهو " سيناريو مشابه لحرق عائلة دوابشة بأكلمها"، وبعد عدة أيام بدأ الهجوم والعدوان الموسع على قطاع غزة وقد استمر 51 يوما حيث وصل عدد شهداء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة منذ 8/7/2014 لغاية يوم الاربعاء 6/8/2014 إلى 1875 وعدد الجرحى لأكثر من 9500 جريح.
بعد رفض القيادة الفلسطينية للنهج الاحتلالي واستمرار عمليات القتل والاعتقال واغلاق المدن والحواجز وقرصنة الأموال الفلسطينية ورفض انهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية، وبعد موجة من ردود الافعال العنيفة بعد تنفيذ قرارات دولة فلسطين بالانضمام لمحكمة الجنايات الدولية وكثير من المنظمات الدولية الأخرى، فلقد تحدثت الأوساط الاسرائيلية، و منذ بداية هذا العام 2015 عن فوضى شاملة "غير مسيطر عليها" ستنتشر في مدن الضفة الغربية ولأجل الوصول للهدف الاسرائيلي والذي يراد به في النهاية "إنهاء السلطة الفلسطينية وترتيبات لما بعد إنهاء الاتفاقيات التي تمت مع منظمة التحرير الفلسطينية" فإنها تقوم بأعمال عدائية وتفريغ الاتفاقيات من مضمونها وتدمير المؤسسات الفلسطينية واغراق الأرض الفلسطينية بالدماء، واستمرار الحصار على قطاع غزة، لتنفيذ سيناريو تدميري عنوانه "إلغاء مفهوم الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس"، وتصفية منظمة التحرير الفلسطينية وإنهاء دورها وإحداث شلل تام في الحياة السياسية الفلسطينية وربما يصل الامر الى سيناريو 2002 في الضفة الفلسطينية وما تبعها في الثلاث سنوات اللاحقة، وكان أقساها إغتيال الشهيد الرئيس ياسر عرفات رحمه الله.
وأخيرا حين يوصف ما تم في حرق الرضيع "علي" بالارهاب اليهودي، فهذا يشير الى أزمة فكرية تعيشها تلك المجموعات الارهابية التي ترتبط بفلسفة العنف في تحقيق أهدافها، ويُعبر تفشي أعمال العنف عن إشكالية سياسية تتعلق بطبيعة العلاقات الدولية المستندة إلى تحكم الدول القوية عسكرياً في مصالح الدول الأضعف، وهذا بالضبط ما هو حاصل اليوم بين "اسرائيل" و فلسطين، ولهذا فإن الأمم المتحدة مطلوب منها إدانة العمليات الارهابية ضد الشعب الفلسطينية وتوفير الحماية الدولية له وانهاء اجراءات استحقاق الدولة الفلسطينية المستقلة، كمقدمة للوقوف أمام إرهاب عصابات المستوطنين والمجموعات التي وصفها الأمن الفلسطيني بأنهم "مطلوبين للأمن الفلسطيني" وستتم ملاحقتهم ضمن الاجراءات القانونية للدفاع عن حياة ابناء شعبنا وممتلكاته.