غريق الانقسام وقشة الوحدة - د.مازن صافي
هل كان أحد يتوقع أن نعيش سنوات تقترب من العشرة في كنف الانقسام البغيض بكل تداعياته .. مدة طويلة يعيشها شعبنا بكل تفاصيلها ومن شدة تلك التفاصيل وآلامها فتجده احيانا يعيش في وضع التراخي أو الاستسلام للأمر الواقع .. وينتظر أن تنزل المعجزة لتحل مشاكله وقضاياه التي أثقلت حياته حتى أصبحت لصيقة به وبمستقبله وبافكاره واصبح في كثير من الأوقات لا يجد ما يتكيء عليه ليعيد قراءة همومه واوجاعه فيكتفي بالانتظار الذي طال ..
هذا الانتظار الطويل أشبه بقشه سقطت من جدار سفينة في منتصف البحر، ويتشبث بها الغرقان، وهو يعلم أنها قد لا تفيد ولكنها تؤنس بحثه عن النجاة، مجرد محاولات يائسة للوصول للشاطيء، وكأن الشاطيء يبتعد عنا بالرغم من الأحلام والآمال التي كدنا أن نلمسها أو نقيم عليه أفراحنا بسلامة النجاة من السوداوية في كل شيء ..
كم عدد السنوات الأخرى التي نحتاجها حتى نخرج مما وقعنا فيه .. لكي نعيد تحصين "جهتنا الداخلية" لنتمكن من التعامل مع المتغيرات القادمة والمحاور الاجبارية وربما الدخول في مواجهة واسعة في حال تبعثرت أدوات الضبط واشتعلت الحرائق .. نحتاج أن "نلملم" ما تناثر فينا وحولنا ونعيد تركيب الصورة الوطنية الجميلة التي لم نستطع أن نرسمها لأجيال تعبر بنا وبسرعة ونحن نبحث عن إطفاء حرائق الانقسام وحرقة تداعياته .. سنوات صعبة مرت بنا ولازالت .. مشاهد مرعبة مرت بنا في بلاد تحطمت وتقسمت وزعماء هربوا وبعضهم أعدم بطريقة بشعة والبعض تنحى وآخرون يواجهون مصير مجهول وربما تنفتح فوهة البراكين ان كان ذلك مطلب من مطالب المحاور الجديدة .. شعوب بائسة وفقيرة وتدفع فواتير باهظة .. وجهات تطل برأسها لتعلن عن نفسها بصورة تفاجيء المتفرجون الذين أصبحوا على يقين تام أن كل شيء "صنع" ليَصنع عبئا إضافيا على قدرة الشعوب وتوصيلها الى حالة من الانهيار والخوف، خشية أن تتهاوي أعمدة الوطن وينقسم على نفسه ويدخل في منظومة التقسيم والتفتيت والتغريب .
نريد الانتهاء من الانقسام وبناء متين للوحدة الوطنية لأن القادم صعب ومعقد ومتداخل .