استيراتيجية فتح في مؤتمرها السابع بين التطور ومواجهة "إسرائيل" (1-2) .. د.مازن صافي
من المقرر أن تبدأ فعاليات المؤتمر السابع لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في 29-11-2015، وتعتبر مدينة رام الله هي المدينة المرشحة لاحتضان التواجد الفتحاوي من كافة أقاليم الوطن والشتات، ويعتبر تاريخ عقد المؤتمر، هاما لكل فلسطيني، فهو يمثل يوم التضامن مع الشعب الفلسطيني، وهو نفس التاريخ الذي اعتمدت فيه فلسطين دولة عضو مراقب في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويأتي هذا من ثمار العمل السياسي الفلسطيني المكثف وكما انه يترجم استيراتيجية حركة فتح في المؤتمر السادس 2009 والذي اعتمد الحراك الدولي والدبلوماسي كواحد من أربع بنود تشكل استيراتيجية خرجت بها توصيات المؤتمر، واليوم ونحن على أبواب عقد المؤتمر السابع، نقف أمام التحديات الجسام لحركة فتح خاصة وللقضية الفلسطينية عامة، ولربما نحن في فترة تعتبر الأخطر ومرحلة تشكل مفترق طرق أمام تشكل محاور إقليمية جديدة في المنطقة التي تعاني من ويلات الحروب والانقسامات والاستنزاف في الموارد وفي القوى البشرية والعسكرية والسياسية، وكما ان أوضاع الفلسطينيين في المخيمات بالشتات وخاصة في سوريا ولبنان تشكل عوامل هامة أمام المؤتمر السابع.
المؤتمر السابع يختلف حقيقة عن كل المؤتمرات السابقة، فهنا أيضا الانقسام والاحتراب الإعلامي المستمر، وحتى في ظل حكومة التوافق الفلسطينية، وكانت استيراتيجية "بناء المؤسسات نواة الدولة المستقلة" إحدى استيراتيجيات الحركة في المؤتمر السادس، وفي نفس الوقت توجد حكومة إسرائيلية متطرفة، والعمليات الاجرامية للمستعمرين المستوطنين في الضفة الغربية مستمرة ومتزايدة، بما يشكل عوامل ضغط حول آليات المقاومة التي يمكن أن تعتمد، وفي نفس الوقت هناك أصوات فتحاوية وقيادية تنادي بالعودة للكفاح المسلح، وخاصة بعد عمليات الحرق المتتالية في مدن وقرى الضفة الغربية وحالة الحصار المشدد والصعب على قطاع غزة، هنا نعيد قراءة استيراتيجية الحركة في المؤتمر السادس الخاصة بتفعيل واعتماد المقاومة الشعبية السلمية، ويشكل تواصل صعود اليمين المتطرف الى سدة الحكم في (إسرائيل) عامل تحدي إضافي، فنتنياهو الذي لا يؤمن بالسلام ويعمل ضد حل الدولتين ووقف الاستيطان وحق العودة وينادي بيهودية الدولة العبرية، ويتنصل من كافة الاتفاقيات الموقعة والتي اعتبرها منذ أكثر من عشرين عاما بأنها "كارثة"، ومن واقعية الواقع يمكن إعتبار أن أوسلو قد فشلت وهذا لا يعني فشل المشروع الوطني، بل من الأهمية أن يدرس المجتمعون ويبدعوا في اختيار أدوات جديدة للكفاح والنضال الفلسطيني، ويمكن أن نستفيد من التجارب الفلسطينية السابقة، وبالتالي فتطوير الحالة السياسية والاعتماد المباشر على الموارد المتاحة وتنميتها يمكن أن يكون ركيزة هامة في تصليب الموقف السياسي الفلسطيني وعدم الارتهان للعنجهية الاسرائيلية أو التاثر المباشر عند كل منعطف سياسي او نتائج حراك فلسطيني دولي مثلما تم في شهور القرصنة الاسرائيلية على الأموال الفلسطينية في بداية العام الحالي.
ان الاحتلال الإسرائيلي يعمل على إطالة أمد الانقسام عبر تغذيته ومنع أي تواصل جغرافي او كياني او سياسي بين الضفة والقطاع، وكل هذا من أجل تنفيذ مخططاته الاستيراتيجية لفصل الضفة عن القطاع ومنع قيام الدولة الفلسطينية، والإمعان في تهويد الأرض الفلسطينية وتشريد الإنسان الفلسطيني وإغلاق أي بصيص أمل في مستقبل اقتصادي او استقرار قادم، وبعد المؤتمر السادس شنت (إسرائيل) عدوانيين موسعين ضد قطاع غزة، وأحدث دمارا هائلا يعتبر تحدي لحركة فتح في مؤتمرها السابع، فإعادة الاعمار مطلب فلسطيني ضاغط، وهذا يشكل مرحلة حساسة أمام القرار الفتحاوي، لأن فتح حركة جماهيرية تحمل دائما المسائل والهموم الوطنية كأولويات لا يمكن القفز عنها، ومن هنا يمكن ان يتم اعتماد استيراتيجية تعتمد على الجهد الذاتي الفلسطيني في مواجهة الاحتلال شعبيا وسياسيا، عبر المقاومة الشعبية الواسعة والابداعية والمتنوعة والشاملة وعبر الحراك الدولي والسياسي وإدخال عوامل قوة للقضية الفلسطينية وتأثير على الراي العام الدولي وخاصة الأوروبي و وامريكا اللاتينية لغرض حصد المزيد من الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية المستقلة، وفضح السياسات الاحتلالية ومحاكمة الاحتلال على كل جرائمه المستمرة وآخرها حرق عائلة دوابشة ووصول الأسير علان الى مرحلة الخطر الشديد .
وامام المؤتمر السابع استيراتيجية النهوض بمنظمة التحرير الفلسطينية، يعتبر مقدمة هامة لتفعيل مؤسسات منظمة التحرير، والحفاظ عليها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وهي المرجعية الأعلى للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها، وهي بحكم القرار العربي والاعتماد الدولي لتمثيلها للكل الفلسطيني فهي المخولة بإنجاز الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، ولذا فإنه من الأهمية إعادة الاعتبار لوحدة الوطن والشعب، وهذا الاعتبار مَتَّل أحد استيراتيجيات المؤتمر السادس، واليوم نضيف أن وحدة حركة فتح بمثابة حجر الأساس لوحدة الشعب الفلسطيني، وهنا يجب على المؤتمر السابع للحركة أن يحدد مفاصل التداخل بين مرجعية السلطة وبين السلطة وبين حركة فتح تنظيمها واستيراتيجيتها ومواردها المالية، وهنا لابد من أهمية اجراء الانتخابات الشاملة ومنها انتخابات المجلس الوطني وعقد جلساته منتظمة، والاتفاق على البنود المشتركة في برامج الفصائل ومنطلقاتها، والتوافق على ما في الاستيراتيجيات من تباين او تباعد، بحيث يوجد المؤتمر السابع صيغة توافق مقبولة وبناءة تعمل على مشاركة كل القوى الوطنية في البناء الوطني العام، والحفاظ على القرار الفلسطيني المستقل، وانطلاقا من مبدا الحفاظ على الثوابت وحقوق اللاجئين في الداخل والخارج .
ملاحظة : يجب أن نقرأ وبتعمق الاتفاق الأمريكي الإيراني الجديد، وتأثيره على المنطقة، وحركة فتح جزء هام فيها، وكما من الأهمية ان نقرأ أهمية فتح مكتب حركة فتح في العاصمة السورية "دمشق" بما يمثل تغييرا وتطورا في العلاقة الفلسطينية السورية بما يخدم قضية المخيمات هناك.
يتبع في الحلقة الثانية ،،،،