الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

ماذا لو تحكم "الفقهاء" في الدولة - بكر أبو بكر

كثيرا ما يظهر الخلط جليا بين الدين وبين الحكم أو السلطة أو الدولة أو الحكومة بحيث إن البعض لا يفتأ يردد مقولات سهلة سلسة تدخل القلب التعِب والمثقل بهمومه اليومية ولكنه المؤمن بدينه بمنطق التسليم لكل من يلبس عمامة أو يربي لحية أو يصرخ على المنبر.

في الخلط المتعمد بين الدين والحكم يستخدم الاسلامويون مفهوم الحكم أو (الخلافة) كما يستخدمون (الشريعة) ويستخدمون (السياسة) كما يستغلون أو يستخدمون (الحدود) باعتبارها الممثل الأبرز لتطبيق الشريعة كما يدعون، وأيضا يستخدمون منطق (الجهاد) وفي كل هذه الاستخدامات وغيرها تجد انهم يقومون بمحاولات عميقة لإضفاء مفاهيم حزبية أو مفاهيم تخص جماعة معينة لتطبيع الناس وفق ما يفهمون على فرضية أن ما يقولونه لوحدهم هو الممثل لصحيح الدين سواء كان الاستناد لمنطق نصوصي تراثي، أو لمنطق عقلي يسند لمناهج تفكير قديمة هي قطعا متأثرة بمناخات تاريخية فحيث صح استخدام منهج في زمن قد لا يصح في غيره، بل وفي غيره من الاكتشافات العلمية والعقلية ما من الضرورة أن ينعكس على طريقة التفكير والنظر، بالتالي على شكل القرار أو الاستنتاج وهذه أصبحت بديهية العصر إلا لمن توقف وانقطع وتحجر.

كان الرأي بالأمس واقع لمقتضيات الصراع مع التغريب والشيوعية والالحاد، وقبله لمقتضيات الصراع مع الغزاة الفرنجة، لذا فليس من الدقة أن نقول إن فقهاء أو علماء أو مفكري تلك العصور في كثير مما اجتهدوا فيه كانوا يخلطون أو يتعمدون استغلال الفتوى، وان كان لا تنزيه عن كثير منها وارتباطها بالسلطان في معظم الأزمنة.

أما اليوم فإن الخلط لدى كثير من الاسلامويين المتطرفين متعمد، ولأغراض حزبية ونتيجة طبيعية لفكرهم ذو الطبيعة الحصرية للفكرة المقدسة للجماعة بفهمها الأوحد وبإقصاء الآخر عنها ما يعنى عدم الاعتراف والتقابل والتجاور للآخر المختلف على عكس ما كان عليه علماء المسلمين في الأزمنة الغابرة.

إن منطق فرض فهم محدد (للشريعة) أو (للحكم) أو لطريقة معالجة الأمر هذا العصر يعني فرض رأي لجماعة أو طائفة أو حزب على عموم أفهام المسلمين المتعددة بسماحة اجتهاداتهم، ويعني أسر الدولة بين يدي سلطة لا يمكن مخالفتها (فأنت بين يدي السجن بالدنيا، والنار في الآخرة معا) وهي سلطة يحتكرها من يحتكرون الفهم والتفسير والتبشير بالفكرة أو ما يسمونه أو يدعونه من (شريعة) او (خلافة) أو جهاد.

ان فكرة التعايش في ظل التعددية بالاجتهادات السياسية وفي مصالح الناس ما هو من فروع الشريعة والفقه فكرة مقرة لدى المجتهدين المسلمين، والمتنورين اليوم، لذا يصبح احتكارها من حزب أو فئة عملية سلطوية دنيوية لمصلحة فئة فقط، تتلفع بغطاء الدين وعصا السلطان فلا يستطيع أحد أن يتفوه بكلمة.

ان تحكم الفقهاء أو العلماء أو أصحاب الفكرة الناشئة عن الدين (الايديولوجية) والمكبسلة داخل جماعة أو حزب طامة كبرى وتراجع خطير عن منطق الحرية والعدالة والتسامح في الاسلام، وتقهقر الى عصور جهالة سبقت الاسلام ورغبة في فرض الرأي باسم القرآن دون حسيب أو رقيب الا ممن يشابهونهم، مع ان (ميزان) العقل يرجح ويغلّب ويقرر ويرفض في تعددية لا تسمح مطلقا بتغييب طائفة أو حزب او فكرانية على أخرى.

إن الدولة من حيث هي جهاز مؤسسي يدير شؤون الناس وينظم المصالح ويحمي التعددية والطوائفية والقوميات ويحرس الحرية والديمقراطية عبر التعددية الفكرية والسياسية والاجتماعية وليس لها وهكذا هو الأمر أن تفرض رأيا محددا أو اجتهادا أو تطبيقا بعينه تحت مسمى الشريعة أو غيرها، وليس لها إلا أن تقوم بواجبها الأصيل في حماية الناس وفق مقاصد الشريعة السمحاء في حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال، وبما يحفظ الحرية وكرامة الناس جميعا، ويحقق العدالة حسب القانون.

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024