المجلس الوطني .. إما عظماء أو عظام رميم - موفق مطر
ظن قادة حماس انهم القدر الذي ينتظره الشعب الفلسطيني ويسلم بقضائه، فنحن ما زلنا نتذكر خطاب مشير المصري يوم وصف حركته بـ " قدر الله على الأرض " !! وذهبوا الى حد الاعتقاد بملكية (الفيتو) على رؤى الشعب الفلسطيني لمستقبله وبرنامج حركة التحرر الوطنية الفلسطينية السياسي، وصدّقوا اشاعاتهم عن عظام منظمة التحرير الفلسطينية التي ما كانوا يرونها الا "رميما"، كما كان يقول محمود الزهار دائما! ولم يصدقوا ان شعب فلسطين وقيادة منظمة التحرير وقوى وشخصيات طيف الوطنية الفلسطينية قادرون على إبقائها محورا لقوة دفع الفلسطينيين جميعا نحو أهدافهم الوطنية، فالشعب الذي بات الايمان بقيام دولة فلسطين عقيدة سياسية، واعاد وضع فلسطين على الخارطة الجيوسياسية كحقيقة تاريخية، وقاوم وما زال يقاوم المشروع الصهيوني، ويكافح لمنع انتشار سرطان الاستيطان فيها، وتهويد مقدساتها.. لقادر فعلا على حماية ممثله الشرعي والوحيد، رضيت حماس ووافقت او لم توافق، فمستقبل الشرعية الفلسطينية مرهون بالوفاء لتضحيات الشعب الفلسطيني، وليس لرغبات قادة حماس وارتباطاتهم بأجندات قوى وعواصم دول اقليمية.
انطلقت حملات المشككين بقرارات القيادة وتوجهاتها منذ اللحظة الأولى التي بدأت فيها حركة فتح الحراك والتشاور مع فصائل منظمة التحرير لتأمين عقد جلسة عادية او استثنائية للمجلس الوطني الحالي، وليس الجديد كما كانت تأمل القيادة منذ العام 2005 عندما عملت على ضم حماس والجهاد وقوى اخرى الى منظمة التحرير، عبر انتخابات حيثما امكن، والتعيين بالتوافق حيث لا يمكن، نظرا لواقع الشتات، فانقلاب حماس عام2007، وما تلاه من محاولاتها الاستفراد بالقرار، وتوظيف سلاح المقاومة لأجندات الاخوان المسلمين واجندات دول اقليمية، وما نتج عن سياستها وخطفها لقطاع غزة بقوة السلاح من دمار وخسائر بشرية ومادية، وكفر قيادتها بمبدأ العمل الوطني المشترك، ومساعي قادتها الحثيثة لضرب اي شكل للوحدة الوطنية، وما واكب السنوات العشر الماضية من طعنات وغدر بظهر القيادة الفلسطينية، ومحاولاتها لتصنيع منظمة بديلة بمواصفات لا علاقة لها بالشعب الفلسطيني ومصالحه وقضيته الأم، وآخرها عقد صفقات واتفاقات ومفاوضات منفردة مع دولة الاحتلال، لم يجن شعبنا منها الا المآسي، وفصل قطاع غزة عن الوطن الأم، وتقزيم القضية الفلسطينية، وتحويلها الى مجرد حالة انسانية، وليس حركة تحرر شعب يناضل لنيل حريته واستقلاله، حركة تحرر وطنية تقاوم المشروع الصهيوني، مشروع الدولة اليهودية التي ستفتح الطريق أمام انشاء واعلان الدول الدينية الطائفية الارهابية في المنطقة.
قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي عانت لأكثر من عشر سنوات مع مواقف حماس "الانقلابية" المتناقضة، المراوغة، المخادعة، كان لا بد لها من اخذ القرار والتوجه الى عقد دورة للمجلس الوطني، وعلى جدول اعماله انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، ليس لتغيير الوجوه او التجديد لبعضهم، وانما لمواجهة تصاعد حرارة العملية السياسية، وضغط دولة الاحتلال على الشعب الفلسطيني المثقل بالاستيطان بالقدس تحديدا، وفي اراضي دولة فلسطين عموما، وارتفاع وتيرة جرائم المستوطنين الارهابية، وحروب جيش اسرائيل العدوانية على الشعب الفلسطيني، في القدس وقطاع غزة، ومدن وقرى الضفة، وتمرد اسرائيل على القوانين والمواثيق الأممية، واستهتارها بارادة المجتمع الدولي، ولتطويق مؤامرة كبرى لتصفية القضية الفلسطينية، بتخليق " دويلة مسخ " في قطاع غزة، استشعرتها القيادة حتى قبل اعلان حماس عنها، عندما وصفها د. احمد يوسف بـ(الدردشات).
اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني، سيثبت لمن راهن على تفكك كيانية الشرعية الفلسطينية ومؤسساتها وانهيارها تمهيدا للقفز الى داخلها واعادة تركيبها كلعبة مسيرة بالريموت كونترول حسب ( الكتالوج ) الاخواني - الاسرائيلي - الاقليمي، ان منظمة التحرير الفلسطينية ليست أشخاصا وطنيين مناضلين وهياكل مؤسسات وحسب، بل مجموع ارادات وطنية، ومنهجية عمل وطني ديمقراطي تقدمي، ومنهج نضالي سياسي كفاحي ميداني تحرري، وقرار وطني مستقل، واعظم ما فيها انها الوفاء لشعب لم يبخل على الوطن بالتضحيات، فالمجلس الوطني لن يجتمع ليحيي (عظاما رميما )، وانما لرفع اسم هذا الشعب العظيم بين الأمم، بانتخاب رجال عظام يتحملون مسؤولية تاريخية في المرحلة القادمة .. فنحن نواجه مدحلة الاحتلال الاستيطاني الارهابي المسلحة، فاما ان نوقفها ونردها، ونعطل تقدمها على ارضنا وننتصرعليها بتحقيق قيام دولتنا بعاصمتها القدس ونعيش فيها احرارا عظماء، أو نبقى بانتظار موافقة حماس، فتتغول (اسرائيل المدحلة، الجرافة، الدبابة، المستوطنة المسلحة) على حاضرنا ومستقبلنا فتطحن عظامنا وتجعلها رميما، ثم تجرف ماضينا ولا تبق لعظمائنا الأولين اثرا.