كنفاني.. ركام لرصيف حماس العائم ! موفق مطر
من لم ينتفض يوم اهانت حماس اسم ورمزية ياسر عرفات الوطنية، فانه لن ينتفض غضبا على شطبها اسم ورمزية غسان كنفاني الثقافية عن يافطة مدرسة للبنين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. مواقف القوى الوطنية المتذبذبة، الضعيفة، الهلامية احيانا كثيرة، دفعت حماس لتسريع عملية مسح الذاكرة الوطنية الفلسطينية، واحلال ذاكرة الجماعة مكانها، حتى الخارطة الجغرافية للوطن التاريخي الطبيعي للفلسطينيين فقد اختزلته، حتى حلت خارطة غزة مكان خارطة فلسطين في الذاكرة البصرية والسمعية والذهنية للجمهور العربي، وها هي اليوم تشرخ المشروع الوطني رأسيا وافقيا، وتهدد وحدانية تمثيل الشعب الفلسطيني، وتشارك اسرائيل باغتيال الدولة الفلسطينية، ورغم ذلك لم نشهد حراكا ولو في الحدود الدنيا، لذا لن يردعها وازع اخلاقي او وطني او ثقافي في شطب اسم مواطن فلسطيني، علم ثقافي، نضالي وطني وعالمي، فحماس لن تعترف أصلا بمقومات الشخصية الوطنية الفلسطينية هذه مقومات – حتى لو عرفتها، لكنها لا تريد ان تعرف ولا يعرف اجيال فلسطين الحاضرون واللاحقون من تاريخهم اللامحدود الا فقرة حماس بصفحة جماعة الاخوان !. لن ينشطب اسم غسان كنفاني من الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني ابدا، فالشعوب الحية تنشط ذاكرتها، وتطهر عناصر الثقافة الوطنية الانسانية من (فيروس) الجماعة، وتمنع الانغلاق التلقائي فيما الأمم تتقدم وترتقي، فكيف والشعب الفلسطيني، الذي نال تأييد وتضامن الشعوب الحرة، بفضل ابداعات المثقفين وتزاوجها مع عطاءات وتضحيات المناضلين الكفاحية الميدانية، اما ونحن امام حالة مميزة ارتقى فيها المثقف شهيدا كحال العظيم غسان كنفاني، وكمال ناصر –امثلة وليس للحصر– كما ارتقى قادة ميدانيون ومناضلون سياسيون كأبي جهاد خليل الوزير وابو علي مصطفى على درب الحرية والاستقلال لفلسطين.. فكنفاني وابوجهاد وابو علي مصطفى وكمال ناصر، اغتيلوا برصاص عناصر الموساد وجيش دولة الاحتلال (اسرائيل)، لأنهم ببساطة مناضلون مقاتلون من اجل الحرية والحق لشعب فلسطين، لأنهم لم يقرعوا الخزان وحسب بل قرعوا اجراس الثورة، وفجروها كإرادة، وجعلوها مدرسة للشعب الفلسطيني بلا تمييز او استثناء، لكن حماس باجرائها شطب اسم كنفاني عن يافطة مدرسة برفح، تنفذ امر اسرائيل باغلاق مدرسة الثورة والوطنية الفلسطينية، وارغام اجيال فلسطين القادمة على هجرها، فتهويد القدس، والغاء اسم فلسطين من الذاكرة، يبدأ بمحو اسماء رجالها ونسائها، واسقاط نجومها، واطفاء انوار وضياء شموسها واقمارها، وما تفعله جماعة حماس بالضبط، عجزت عن انجازه الحركة الصهيونية، اذا نحن امام حركتين لن يستقيم لهما حال ما دام للفلسطينيين هوية وثقافة واسماء ورموز مقدسة، وما دامت فلسطين الطبيعية والتاريخية الملهم لابداعاتهم ورؤاهم.
لا تختلف جريمة قتل طفل بريء عن جريمة الغاء اسم انسان، فالشهداء في ثقافتنا احياء وكنفاني لم يمت، فلماذا اذن تسقط حماس اسمه في افرانها التي أنشأتها خصيصا لتذويب وصهر معادن الشخصية الوطنية الفلسطينية، هل تراها سترميها في قاع البحر كركام، لتنشئ بحماية ورعاية وتحت سيطرة الدولة اليهودية رصيف دويلتها العائم ؟!