الانتصار للذات الوطنية -عمر حلمي الغول
مازالت الدعوة لدورة المجلس الوطني، تسيطر على اجواء الحوارات الداخلية الفصائلية والوطنية، وحتى على مستوى العربي والدولي. المشهد الفلسطيني، يعيش حالة إستقطاب وتجاذب بين مؤيد ومعارض لعقد الدورة. وكل فريق لديه اسبابه ودوافعه. والجميع معني وحريص على ترتيب شؤون البيت الفلسطيني، باستثناء قلة غوغائية متطيرة، مسكونة بلغة "تخوين الاخر" الوطني، كشكل من اشكال تصفية حسابات شخصية او فصائلية صغيرة.
من المؤكد، ان الاستقطاب الجاري في الساحة، ليس جديدا. لان كل دورة من دورات المجلس الوطني وحتى دورات المجلس المركزي، كانت تثير جدلا واسعا في الساحة إرتباطا بالعناوين المثارة، العضوية وتشكيل الهيئات القيادية. وبالتالي الصخب الناشىء في الاوساط السياسية والاعلامية والاكاديمية وقطاعات الشعب المختلفة، لا يثير القلق، بل يغني المشهد بالحوار، الذي تحتاجه الساحة. لاسيما وان هناك حالة من الخمول الفكري والسياسي، تسيطر على عليها، ناتجة عن حالة المراوحة في المكان. وهي عميقة الصلة بالازمة العامة، التي تعيشها الحركة الوطنية والقضية الفلسطينية عموما.
مع ذلك الدورة الحالية، تختلف عن الدورات السابقة، اولا في شروط اللحظة السياسية؛ ثانيا الانقسام العامودي والافقي الفلسطيني، الناجم عن الانقلاب الحمساوي الخطير، الذي شكل ويشكل خطرا داهما على المصالح العليا للشعب العربي الفلسطيني. وهو غير الانقسام، الذي شهدته الساحة عام 1975 عندما تشكلت جبهة الرفض، او الانقسام الحاصل بعد إجتياح إسرائيل للاراضي اللبنانية عام 1982، وهو غير الانقسام الناشىء في اعقاب التوقيع على اتفاق اوسلو 1993. ثالثا إشتداد الهجمة الاسرائيلية الاستيطانية، التي تهدد المصير الوطني برمته، وتضع علامة سؤال كبيرة على مستقبل الكفاح الوطني التحرري الفلسطيني. رابعا إختلاف الظروف العربية والدولية المحيطة بالقضية، التي باتت تدير الظهر علنا او مواربة للمشروع الوطني، وتناور تمهيدا للانقضاض على ما تبقى من الاهداف الوطنية.
في ضوء القراءة الموضوعية للجدل الدائر في الساحة، تملي المسؤولية التوقف امام الاسئلة المثارة او بعضها، لعلها تسلط الضوء على النتائج، التي قد تنشأ عن إنعقاد الدورة، منها:هل تملي المصلحة الوطنية مواصلة الاستعدادات لعقد الدورة العادية في الموعد المحدد؟ وهل يمكن تأمين النصاب القانوني، اي حضور الثلثين لعقد الدورة العادية؟ واذا لم تتمكن رئاسة المجلس من ذلك، هل سيتم إلى دعوة إستثنائية او طارئة بمن حضر مع رئاسة المجلس الوطني واعضاء الللجنة التنفيذية؟ وعندئذ هل هكذا دورة تحقق الغايات والاهداف المرجوة منها؟ وألآ تفتح هكذا دورة شهية البعض لتشويه مكانة الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، والعمل على إستحضار إنشاء مرجعية بديلة؟ وهل الفصائل والقوى المشاركة، جاهزة باعتماد ممثليها في الهيئات القيادية ام هناك صراع معلن وخفي؟
لم يعد عقد دورة المجلس الوطني مرهونا برغبة الرئيس ابو مازن لوحده، وان كانت رغبته لعبت دورا حاسما في دفع الامور قدما لصالح عقدها. بل امست حاجة وطنية، وهي بالاساس إستحقاق إنتظره الكل الفلسطيني منذ عقدين من الزمن. واي كانت الملاحظات الموضوعية، التي سجلها البعض على سيناريوهات الاخراج للدعوة، والتعقيدات الناشئة عنها، والاسئلة المثارة والاستنتاجات والقراءات المتناقضة او المتباينة بين فصائل وقوى وشخصيات العمل الوطني، على الجميع العمل على إنجاح عقد الدورة في موعدها، لوضع رؤية برنامجية جديدة، تعيد الاعتبار للقضية الوطنية. وتضع حدا لحالة المراوحة والتراجع، التي تعيشها القضية الفلسطينية، والعمل الفعلي على تصليب عود منظمة التحرير الفلسطينية من خلال إصلاح حقيقي لبنائها الهيكلي ودوائرها وتجديد هيئاتها القيادية.
الوقوف من قبل البعض في محطات الانتظار والردح والتحريض على شخص الرئيس عباس والمؤيدين لانعقاد الدورة، لا يفيد احدا، بل يخدم القوى المعادية بكل تلاوينها وعناوينها. فهل ينتصر الفلسطينيون لذاتهم، وينهضوا بمكانة ممثلهم الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، منظمة التحرير؟