العلم الخفاق - حافظ البرغوثي
لم أسمع أي احتجاج أو استنكار على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة برفع علم فلسطين على المقر الأممي حتى من معارضيه وهي ثماني دول من ضمنها اسرائيل، فالاجراء نجح بسهولة لأن من حقنا أن يرفرف علمنا هناك مثلما يرفرف علم اسرائيل منذ عام 1948 وبدون وجه حق دون علمنا.
البعض منا فقط سخر من رفع علم فلسطينه هناك وكأن الأمر لا يعنيه وكأن رفع العلم يؤذيه وهؤلاء كأنهم لم يعيشوا لحظات الجمر تحت الاحتلال، لم يروا شباننا وهم يسقطون شهداء رافعين العلم هاتفين باسم فلسطين، لم يروا صبياً يجبره الاحتلال على الصعود الى عمود الكهرباء لإنزال العلم فيصعد تحت تهديد السلاح ويرفع التحية للعلم ويتناوله ويطويه باحترام وينزل، لم يروا شهيداً في قرية عنزة جنين وهو يلوح بالعلم فتصيبه رصاصة ويسقط شهيداً وفي يده العلم، لم يرونا ونحن نرفض إزالة الأعلام ويحتجزون بطاقات الهوية، لم يروا أطفال غزة وهم يتسلقون سياج المستوطنات لرفع العلم والرصاص ينهمر عليهم، كم من الشهداء سقطوا رافعين العلم؟ وكم من الشبان اعتقلوا بتهمة رفع العلم.
علمنا ليس قطعة قماش كما يحلو للبعض وصفه، إنه مرآة بلون الدم الأحمر ولون التحدي الأسود ولون المستقبل الأبيض، ولون الأرض في ربيعها وهو الأخضر.
علمنا هو علم كل الفلسطينيين الأحرار وليس المتقوقعين في جيوب الآخرين، فهؤلاء شعارهم دوماً عنزة ولو طارت أو رفرفت.
فالراية التي تخفق تمثل إرثاً ثورياً من التضحيات والدم والدموع، ومن يستهين بالتضحيات المقدسة لا مقدس لديه ونرجسيته المرضية.