33 عاما على جرائم الحرب في صبرا وشاتيلا - د.مازن صافي
في العام 1982 اجتاحت الدبابات والمصفحات الإسرائيلية الجنوب اللبناني وجعلت من الجنوب مأساة وتقدمت نحو العاصمة بيروت وفي أثناء تقدمها هدمت البيوت وقضت على الأرواح ومضت في خطتها الأساسية والغير المعلنة وهي الإطاحة بقيادة منظمة التحرير الفلسطينية ، في سبيل كل هذا صمدت القوات الفلسطينية واستمر القتال في المخيمات واضطر الآلاف لإخلاء بيوتهم تحت ضغط الرعب واليأس ، لقد أعلن الفلسطيني انه سيدافع عن الوجود الفلسطيني وعن الأرض العربية اللبنانية وعن الديار والقضية والهوية .
لقد بلغ العدوان أبشع مراحله خلال مجازر مخيمي صبرا و شاتيلا في بيروت . فقد كان المنتظر بعد إجلاء قوات وكوادر وقيادات م.ت.ف في أواخر أغسطس ، والاتفاقية التي تمت بواسطة من فيليب حبيب ، أن تراجع اسرائيل موقفها وتصغي إلى الاستهجان العالمي لأعمالها ، وتمتثل لمطالبه العادلة . غير أن مجلس وزراء الحرب الإسرائيلي قام بالإجماع برفض مشروع ريجان للسلام 2 سبتمبر ، وفي 6/9/1982 ووفق الاتفاقية، سلمت لجنة مخيمي صبرا و شاتيلا جميع الأسلحة المتبقية في المخيمين للجيش اللبناني ، وفي يومي 10و11 سبتمبر تركت القوات الايطالية والأمريكية بيروت وعلى أثر ذلك قرر بيجين وشارون تنفيذ عملية العقل الحديدي للقضاء على من تبقى في بيروت من الفدائيين الفلسطينيين ، ولقد ابتدأت العملية في الساعة الثانية من صباح يوم 15/9 حيث اشتركت قوات وقادة الكتائبيين في الجيش وجهاز الاستخبارات اللبنانية ، ولقد روى عن لسان القادة الكتائبيين قولهم لقد انتظرنا هذا اليوم أعواما طويلة ؟! كانوا يشجعون جنودهم بإيهامهم بأنهم المختارون للثأر لمقتل الرئيس اللبناني بشير الجميل وستون من رجاله أثر انفجار قنبلة في مقر الكتائب في بيروت الشرقية ، ولقد أثبتت الأحداث والتاريخ أن (إسرائيل) هي من قامت بالقتل كبداية لتفجير عملية العقل الحديدي ، وقتل ما يزيد عن خمسين لاجئا في المخيمين.
في تلك الليلة كان الظلام يخيم على بيروت بعد غياب الشمس وقد انقطع التيار الكهربائي، ظهرت فوق المخيمين القنابل المضيئة عند منتصف الليل ، وتلاحقت أصوات نيران البنادق تعلو داخل المخيمين ، كانت المجزرة التي روعت العالم قد بدأت ، وفي اليوم التالي أذاعت (اسرائيل) أن جيش الدفاع الإسرائيلي يسيطر على جميع المناطق الاستيراتيجية في بيروت ،وأنه تم حصار وعزل المخيمات،؟! يومها كان مستشفى غزة في قلب المخيمين تستقبل الوافدين من المصابين ، وأرسل المجلس البلدي المسؤول عن المخيمين خمسة من الرجال كبار السن للتفاوض من أجل وقف المجزرة فقُتل أربعة منهم، وبعد ظهر نفس اليوم دخلت ثلاث وحدات من الجنود الكتائبيين يبلغ عدد كل منها خمسون رجلاً الى المخيمات ، يساندهم الجيش الاسرائيلي حيث القصف بالمدفعية الثقيلة، وبدأت المجازر تحت حماية ومشاركة الجيش الإسرائيلي الذي كان يحاصر المخيم ويمنع الدخول إليه والخروج منه، وبعد أيام من السماح للصحفيين والمصورين بدخول المخيمات ، ظهرت معالم جرائم الحرب و الإبادة الإنسانية، التي ذهب ضحيتها بين 4000-4500 شهيد من 12 جنسية الغالبية العظمى منهم من الفلسطينيين يليهم اللبنانيين وعدد قليل من جنسيات أخرى، و484 ضحية لا زالوا في عداد المخطوفين أو المفقودين ولم يعد أي منهم حتى الآن.
اليوم، وبعد 33 عاماً على مجزرة صبرا وشاتيلا لم يحاكَم المجرمون القتلة الذين قاموا بارتكابها من عناصر الميليشيات اللبنانية، كذلك لم يحاكَم أحد من الإسرائيليين الذين قاموا بحماية المجرمين القتلة وتسهيل مهماتهم!!