ضريبة الموت - عمر حلمي الغول
يوما تلو الاخر حركة حماس، تؤكد إصرارها وإمعانها في تكريس خيار الانقلاب والامارة على حساب المصالح الوطنية العليا للشعب العربي الفلسطيني، ورفض خيار المصالحة والوحدة الوطنية، وبالتالي رفض الشراكة السياسية. يأت التأكيد من الممارسات والانتهاكات الفجة والمباشرة، التي تنفذها حركة الانقلاب في محافظات الجنوب ضد ابناء الشعب، وبادارتها الظهر كليا للنظام الاساسي (الدستور) من خلال فرض الضرائب المجحفة، والمتناقضة مع حقوق المواطنين والاعراف والنظم القانونية.
في الاونة الاخيرة وبعد فرض "ضريبة التكافل"، قامت بفرض "ضريبة السيارات" و"ضريبة النقل" و"ضريبة على البضائع" الواردة من الضفة الفلسطينية، و"ضريبة الجوال"، التي تدفعها الشركة خاوة لقيادة الانقلاب، وهناك اشكال ونماذج لا تخطر على بال اي مراقب بهدف إستنزاف وامتصاص دماء المواطن الفلسطيني في قطاع غزة، وآخر انواع الضرائب اللامنطقية، هي "ضريبة القبور" حيث رفعت قيادة الانقلاب الضريبة بمقدار 300%. كانت الضريبة تساوي 300 شيقل، اصبحت 1200 شيكل؟ لماذا؟ وعلى اي اساس؟ وما هو المعيار؟ وهل هناك مبرر سوى مبرر سرقة الشعب؟ وهل حل ازمة حركة حماس بنهب الشعب ام بالعودة لجادة المصالحة، وتعزيز دور حكومة التوافق الوطني؟ وهل تعتقد قيادة جماعة الاخوان المسلمين في فلسطين، ان الشعب سيقبل بهكذا سياسة؟
عديدة الاسئلة التي تطرحها ضريبة القبور. واي كانت ادوات الاستفهام والاستيضاح والنفي والاستنكار، فإن المؤكد مواصلة حركة الانقلاب التخندق في خيارها المتناقض مع مصالح الشعب والنظام السياسي الفلسطيني؛ عبر التنكر الجذري للنظام الاساسي؛ وعدم الالتزام بالقانون الفلسطيني، والعمل على إختراق مواده المختلفة؛ ومص دماء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، مع ان نسبة البطالة وصلت الى 72%، ولم يعد المواطن الغزي، قادرا على الصمت عن حماقات ولصوصية قادة الانقلاب، لاسيما وانه لا يملك القدرة على تأمين لقمة العيش لشخصه ولعائلته.
هذا واثارت الضريبة الجديدة عددا من التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تعكس حجم الغضب والسخط الشعبي المتصاعد ضد ممارسات وسياسات حركة حماس، منها: هل القبور موجود على شارع او شارعين؟ او هل القبر مطل على البحر؟ وهل القبر ديلوكس ام سوبر ديلوكس؟ ولماذا لا يدفن الاموات واقفين؟ او لماذا لا نحرق امواتنا؟ واذا اذوي الميت ليس لديهم مال ماذا يفعلوا؟ وغيرها من التقليعات، التي تؤكد الرفض الشعبي المتزايد للانتهاكات الحمساوية الخطيرة ضد المواطنين من مختلف طبقات وشرائح وفئات الشعب الفلسطيني.
مع ذلك على ابناء الشعب العربي الفلسطيني من مختلف الطبقات والفئات والقطاعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في محافظات الوطن كلها وخاصة في محافظات الجنوب الخروج للشارع، والتصدي لانتهاكات حركة الانقلاب الحمساوية، وإشهار صوت الغضب في وجهها، وتعرية التناقض الفاضح بين ادعاءها الانتماء لخيار "المقاومة" وبين نهب وسلب المواطنين بطريقة مجنونة ومسعورة لتدفع فاتورة ميليشياتها وقادتها. لان من يريد المقاومة لا يسرق المواطنين، بل يعزز صمودهم ويؤمن لقمة عيشهم ويوحد صفوفهم، ويحمي مصالحهم الشخصية والوطنية، ويندفع نحو خيار المصالحة، ويعزز من دور حكومة التوافق الوطني، لتشكل الجسر لمحطة اعادة الاعتبار للوحدة الوطنية وفق النظام والقانون، وليس العكس.
لكن حركة الانقلاب الاخوانية المستميتة على مواصلة الدردشات مع حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، والمصممة على تنفيذ مخطط جماعة الاخوان في فلسطين واوساط شعوب الامة العربية، والماضية في خيار بناء الامارة القزمية على حساب الاهداف الوطنية، والمصرة على تمزيق النسيج الوطني والاجتماعي والثقافي، لا يمكن لها التوافق على اي قاسم وطني مشترك، لانها ترفض من حيث المبدأ اي شراكة مهما كان حجمها. الرد على هذه السياسة بيد الشعب، فهل يفعلها ويعيد الاعتبار للنظام والقانون والوحدة الوطنية؟