لا تقلقوا، النساء يحمين الأقصى - حسن سليم
في خطوة لم تكن مستغربة، قدمت النساء المقدسيات نموذجاً في المقاومة وفي حماية المقدسات، بحمايتهن للمسجد الاقصى دون انتظار ان يستجيب العالم والاحرار منه لنداءات الاستغاثة من داخل اسوار المسجد الاقصى.
هن المرابطات الحرائر كما اصطلح على تسميتهن اللواتي يقدن معركة التصدي لقطعان المستوطنين والموتورين "المتدينين" المعتقدين بوجود هيكل سليمان تحت المسجد الاقصى، اللواتي تقدمن على فصائل العمل الوطني والاحزاب والحركات الوطنية والاسلامية بتنظيم ذاتي لا علاقة لتوجيه الاحزاب بمبادرتهن، ليدفعن ثمن هذا الموقف دما واذلالا ومسا بكرامتهن من محتل غير مالك للقيم الانسانية والاخلاق.
حين وضعت اسرائيل شروطا ومعايير لدخول الرجال الشباب للمسجد الاقصى، ما اضطرهم للصلاة في شوارع القدس، واكتفت بالسماح لكبار السن منهم وللنساء بعبور بوابات المسجد الاقصى، كان ظنها ان وجود النساء لن يمنع اقتحامات مجموعات الإسرائيليين اليمينيين والمتدينين المتطرفين الذين يداهمون ساحة الأقصى من حين لآخر، ويحاولون في مناسباتهم الدينية إقامة شعائرهم داخل الأقصى، والذي يطلقون عليه اسم جبل الهيكل، وظنهم ان الحرائر ضعيفات، تتفاجأ اليوم اسرائيل بالمقاومة الشرسة للنساء المرابطات اللواتي يقفن سدا منيعا امام الاقتحامات متسلحات بالحجارة والاحذية لرشق المقتحمين بها.
هبة المرأة الفلسطينية للدفاع عن المسجد الاقصى في ظل تخاذل المجتمع الدولي عن ردع اسرائيل او حتى توبيخها، ليس وليد الساعة، بل هو استمرار لنضال وكفاح وطني بدأ مبكرا منذ الانتداب البريطاني، حين عملت النساء الفلسطينيات على تنظيم صفوفها لمواجهة الخطر الناجم عن وعد بلفور، حتى اعلنت عن عقد مؤتمرها الاول في تاريخ فلسطين في اكتوبر1929، بحضور مئات النساء من مختلف المدن الفلسطينية، ليشكل نقطة تحول لدور المرأة في النضال من اجل تحرير الارض ومقاومة الاحتلال ومواجهة الاخطار الداهمة للوطن.
ما يواجهه المسجد الاقصى، اليوم، والقدس عامة، كان يستدعي خطوة اسرع من فصائل العمل الوطني والاسلامي لتنظيم صفوف جماهيرها لصد مشروع التهويد والمس باولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين، بدلا من توزيع التهم هنا وهناك مستريحين لدور الاستاذ الموزع للادوار، او ان يكونوا متـأخرين عن صفوف الجماهير.
في حين ان المتوقع، ان نجحت النساء بتخليص الاقصى من "الزعران المعتدين"، وسينجحن، سنسمع من قيادات الفصائل مديحا غير مسبوق بالدور الوطني الذي لعبته النساء المرابطات في صد الغزاة، وسيقال فيهن اكثر مما قال ابو تمام في الحماسة، لكن كلام الليل يمحوه النهار، وسرعان ما سيتبخر، ليعودوا وينسبوا النصر لأنفسهم، ويعودوا الى ذكوريتهم بان النساء "لا تستطيع "، وان لولا توجيهات ودعم رجولتهم لهن لما نجحن.
لا ضير، ليكن بان يعتقد البط بأنه يستطيع الطيران، لكن ذلك الاعتقاد لن ينفع اذا ما هاجمه وحش ليفترسه، حينها سيتمنى البط لو كان حمامة قادرة على الطيران، حينها كان سينجو.