اللاسلم واللاحرب ؛ حتى التحرير والدولة - د.مازن صافي
إن ما يحدث حاليا يختلف عما سبق ، وان كان تسمية الحالة لم تسمى بعد؛ فلقد دخلنا فيما بعد الشهيد العشرين وغالبيتهم تحت سن الــ22 وأصغرهم عمره 11 عاما، ووصلت الإصابات إلى أكثر من ألف إصابة، ومئات المعتقلين خلال العشرة الأيام السابقة .
إن إدارة الظهر لتطلعات الشعب الفلسطيني وسنوات نضاله الطويلة وتضحياته وعدم التجاوب مع كل ما قدمه من أجل الوصول إلى حقوقه المشروعة في التحرر والدولة والحياة الكريمة ومستقبل أفضل، يعني وصول الأجيال إلى محطات من الرفض التام لهذا الاحتلال ولكل القوى الدولية التي تسانده وتدعمه وتغض النظر عما يقوم به صباح مساء ..
إن تسهيل عمليات قتل الفلسطيني ولمجرد الاشتباه به ومن مسافة الصفر، يدلل على أن الاحتلال بجنوده ومستوطنيه قد وصلوا إلى حالة من الرعب وهم يدركون أن لهذا الفلسطيني أخوة وأخوات وجيران وأصدقاء ومجتمع كامل وبالتالي يستمر الصراع جيل بعد جيل، ويتعمق ويتجذر ويأخذ أشكالا مختلفة وفي غالب الأمر لا يتم فيه قيمة كبرى لحسابات الربح أو الخسارة، بل ما يتم هو التأكيد على التصميم والإرادة والتحدي للتقدم خطوات على طريق الحرية وزوال الاحتلال، طال الزمن أو قصر.
إن الشعب الفلسطيني يرتبط ارتباطا وثيقا بأرضه وتترجم نضالاته وتضحياته معنى الهوية الفلسطينية، هذه الهوية التي ترتبط بفكرة الحرية والخلاص من الاحتلال، وهي أعظم الأفكار التي لا يمكن للاحتلال ومستوطنيه أن يشطبها، ومنها تنطلق كل الثورات، وفي المقابل يترجم لنا عدد الشهداء وأعمارهم وأعداد الإصابات وأماكنها، أن مشاهد المقاومة الشعبية الحالية، في صورة ما قد تعيد وبكثافة مشهد ممزوج بانتفاضة الأقصى والعدوان على قطاع غزة.
عن دخول الإدارة الأمريكية مباشرة، والاتصال الهاتفي الذي أجراه وزير الخارجية الأميركي جون كيري، مع الرئيس الفلسطيني وتم فيه التباحث حول ما يدور من تطورات الأوضاع الجارية في الأراضي الفلسطينية، فهذا يعني أن أولى رسائل الغضب الفلسطيني قد طرقت أبواب العالم وبصورة سليمة وصحيحة، وكان الجواب من الرئيس ابومازن للسيد كيري، ضرورة أن توقف السلطات الإسرائيلية السماح للمستوطنين القيام باستفزازاتهم تحت حماية الجيش، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى وضع لا يمكن السيطرة عليه، لاحظوا ما قاله الرئيس في خطابه بالأمم المتحدة "إياكم والذاكرة القصيرة" واليوم يقول "وضع لا يمكن السيطرة عليه"، فيما يرد عليه وزير الحرب الإسرائيلي يعلون أننا قد دخلنا حالة من اللاحرب واللاسلم وقد تستمر لفترة طويلة. وبهذا يتضح أن الشعب والقيادة الفلسطينية يجب أن تستعد لمرحلة من الاستنزاف الطويل الذي تشتد فيه المقاومة الشعبية لتصل إلى ذورتها في فترة ما وتعود للهدوء في فترة أخرى، ليعود المشهد الحالي مرة أخرى أيضا وهكذا، ما لم يحدث ما ينهي حالة اللاحرب أو اللاسلم .