الاحتلال يهدم منشأة تجارية ومنزلين ويجرف اشجار زيتون في حزما وبيت حنينا    "التربية": 12,820 طالبا استُشهدوا و20,702 أصيبوا منذ بداية العدوان    الاحتلال يجبر الجرحى والمرضى على إخلاء المستشفى الاندونيسي شمال قطاع غزة    إصابة 3 مواطنين واعتقال رابع إثر اقتحام قوات الاحتلال مدينة نابلس ومخيم بلاطة    الأمم المتحدة تطلب رأي "العدل الدولية" في التزامات إسرائيل في فلسطين    عدوان اسرائيلي على مخيم طولكرم: شهيد وتدمير كبير في البنية التحتية وممتلكات المواطنين    الإعلان عن مراسم وداع وتشييع القائد الوطني المناضل الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    "مركزية فتح": نجدد ثقتنا بالأجهزة الأمنية الفلسطينية ونقف معها في المهمات الوطنية التي تقوم بها    17 شهيدا في قصف الاحتلال مركزي إيواء ومجموعة مواطنين في غزة    الرئيس ينعى المناضل الوطني الكبير اللواء فؤاد الشوبكي    سلطة النقد: جهة مشبوهة تنفذ سطوا على أحد فروع البنوك في قطاع غزة    و3 إصابات بجروح خطيرة في قصف الاحتلال مركبة بمخيم طولكرم    الرئيس: حصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة سيسهم في بقاء الأمل بمستقبل أفضل لشعبنا والمنطقة    "استغلال الأطفال"... ظاهرة دخيلة على القيم الوطنية وجريمة يحاسب عليها القانون    "التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان  

"التربية": 12.799 طالبا استُشهدوا و490 مدرسة وجامعة تعرضت للقصف والتخريب منذ بداية العدوان

الآن

جميعهم على «طاولة المفاوضات»: الجلاد.. والشاهد والضّحية أيضا - عماد شقور

يروون في إسرائيل طرفة عن شارون، رئيس الحكومة الاسبق هناك، تقول أن شارون دعا لمأدبة غداء صديقا له يعرف معلومات دقيقة عنه، وعن تصرفات قام بها اثناء اجتـــــياح لبنان ومحاصرة بيروت ومجزرة صبرا وشاتيلا، صــــيف عام 1982. ولو تفوه الصديق بما يعرفه أمام اللجنــــة الرسمــية، التي شُكّلت للتحقيق في تلك الأحداث، وفي خبايا وحقائق دور شارون فيها، لترتب على ذلك عقوبات أكثر كثيرا مما نزل به في حينه، والتي كان منها ازاحته من منصب وزير الدفاع في حكومة مناحيم بيغن.
قدّم شارون، وفق تلك الطّرفة، لضيفه/صديقه طبقا رئيسيا على مائدة الغداء، كان عبارة عن سمكة مشوية. وقبل أن يبدأ بتناولها، سأله شارون: هل تعرف لماذا وصلت هذه السمكة المسكينة إلى هذا المصير؟ وعندما اجاب هذا بالنفي، قال له شارون: لأنها… «فتحت فمها»، لقد أغرى الطُّعم هذه السمكة الغبيّة، فكانت النتيجة أن فتحت فمها.. «بون ابيتيت»، شهية طيّبة يا صديقي، فهِم الصديق الرسالة، ولم يفتح فمه. هكذا هي الحياة، وهكذا هي طبيعة الامور: على كل طاولة مفاوضات جلّاد وشاهد وضحية. أما الجلّاد فيجلس على مقعده يفاوض، وأما الشاهد فينافس لضمان كرسي لنفسه، لكنه إذا فشل وقع بين الكراسي، ولم ينله نصيب من التَّرِكة، الا انه يكون قد تسلّح بمعرفة دقائق ما يجري، فيستعد لمستقبل الأيام. أما الضحية فهي الطبق، لا حول ولا قوة لها. تُقطَّع كما يشتهي ويقرر المتفاوضون.
وقبل أن نصل إلى وقائع ايامنا الراهنة، محاولين فهم ما يجري ويستجد من أحداث، نستحضر الماضي القريب، مركِّزين على «طاولتي» مفاوضات نهاية الحربين العالميتين، الأولى والثانية.
«طاولة المفاوضات» التي اعقبت الحرب العالمية الاولى واجملت نتائجها، اعدّها وحضَرها وقطف «ثمارها» المنتصرون: بريطانيا (التي كانت عظمى) وفرنسا وامريكا، وغابت عنها روسيا، التي كانت قيصرية عند اندلاع تلك الحرب لتصبح الاتحاد السوفييتي بفعل انتصار الثورة البلشفية اثناءها وانشغال الثورة بشؤونها الداخلية. أما نحن العرب، (والى جانبنا ما كان قد تبقى من الامبراطورية العثمانية، وكذلك المانيا ومن ساندها)، فقد كنا «ثمار» تلك الطاولة، واطباقها الشهية. ومن هنا جاءت سايكس- بيكو التي قطّعت سوريا الكبرى، (بلاد الشام)، إلى اربع دول، وثبّتت الأساس لتطبيق وعد بلفور، وعد إقامة دولة لليهود، لتشكّل حاجزا يفصل المشرق العربي عن المغرب العربي، ولتُشغل العرب بقضايا هامشية، تحول دون تطورهم ولحاقهم بركب الحضارة والتقدم.
وهذا هو ذاته، وبالضبط، ما حصل على «طاولة المفاوضات» التي أعقبت الحرب العالمية الثانية واجملت نتائجها. أعدّها وحضَرها وقطف «ثمارها» المنتصرون: الولايات المتحدة الامريكية، والاتحاد السوفييتي، وبريطانيا وفرنسا أيضا، ولكن هؤلاء جميعا لم يتمكّنوا من استبعاد الصين. إلّا أن الوزن الامريكي الطاغي فرض الجزء، وهو فورموزا، ليكون هو ما يمثل الصين، وليشكِّل هذا الخماسي، مجتمِعا، ما يُسمَّى بلغة العصر «الخمس الكبار»، اصحاب حق النقض (الفيتو) في النظام العالمي الجديد، ممثلا بهيئة الامم المتحدة، النسخة المنقحة عن «عصبة الأُمم». وعلى هذه «الطاولة» ايضا كان العرب هم «الطبق الشهي»، الذي تقاسمه « الاربع الكبار»، ولعبت خلاله فورموزا/الصين دور الشاهد. وأنجبت «طاولة المفاوضات» تلك دولة اسرائيل، اضافة إلى كل ما عانيناه وما زلنا نعانيه من تخلّف عربي مُخجل ومشين.
كل ما تقدم تاريخ، أما الحاضر الذي نعيشه هذه الأيام، فهو «طاولة مفاوضات إيران و5 + 1»، والـ»واحدة» ،هذه المرّة، هي المانيا. حاولت اسرائيل، صنيعة الغرب، وأداته لتخريب العرب، أن تضمن لنفسها مقعدا على «طاولة المفاوضات» تلك، لكنها فشلت. «اكتشفت» اسرائيل انها مجرّد اداة، فجُّن جنونها، واقدم رئيس حكومتها نتنياهو على حركات وتحركات كاريكاتيرية بهلوانية، ذكّرت المتابعين للتطورات على هذا الصعيد، (وانا واحد منهم)، بحلقات وافلام ميكي ماوس المسلِّية. إلّا أن هذه التحركات المضحكة، من وقفة الطاووس في الكونغرس، وزفّة موجات التصفيق مع كل «وصلة»، وعند كل فاصلة، ضمنت لاسرائيل دور الشاهد المُشاهد لوقائع طاولة المفاوضات هذه، الامر الذي يمكنها من تقدير ما هو آتٍ، والاستعداد له، بما يضمن لها منع الخسائر، او تخفيضها إلى الحد الأدنى في أسوأ الحالات.
أين هم العرب من كل هذا؟ انهم «الطبق الشهي» على طاولة المفاوضات تلك!. والسبب في ذلك انهم منشغلون الآن بما كان العالم المتحضِّر مشغولاً به قبل قرون من الزمن. ولقد تخطّى عالَمُ اليوم ذلك العالَمَ منذ قرون.
يسألونك: كيف تُفسِّر عسكرة الروس في اللاذقية؟، فأتذكّرُ ابيات ابو العلاء المعري:
في اللاذقية ضجّةٌ.. ما بين احمدَ والمسيح
هذا بناقوسٍ يَدُقُّ.. وذا بمئذنةٍ يصيح
كلٌّ يناجي ربَّه.. يا ليت علمي ما الصّحيح
لقد تقاسم «المتفاوضون» ما كان يُعرفُ سابقا باسم «سوريا»، أو بلغة أهل الحُكم «القُطر».
على كل طاولة مفاوضات، (وبالمناسبة، هل هي مجرد صدفة أن يُسمّى ذلك الهيكل الخشبي داخل قاعة الاجتماعات «طاولة»؟)، في حال غياب الشاهد، نوعان من العناصر على الأقل،: فهناك من يَأكلون، وهناك من يُؤكلون. ولقد علّمني استاذي حنا ابراهيم، ابن قرية الرينة شمال الناصرة، الذي حببني بلغتي العربية، أن «يُؤكلون» هو «فعلٌ مضارع مبنيٌّ للمجهول، لم يُعلم فاعله، وينوب عنه عادة المفعول به، ويكون مرفوعا، ويُعربُ نائب فاعل، وهو يأتي في الفعل الماضي وفي الفعل المضارع، ولكنه لا يأتي في فعل الأمر مطلقاً». استميحك عذرا يا استاذي العزيز في ضريحك، واقول لك ولجميع النحويين من قبلك حتى سيبويه: «يؤكلون» ليس فعلاً بل هو اسم لضحيّة. و»يؤكلون» معلومٌ آكلُه وليس هو بمجهول، ولا ينوب عنه المفعول به، لأنه هو نفسه المفعول به، ولا يكون مرفوعاً وانما يكون مجروراً، ومسحوبا من انفه ايضا. أمّا قولك انه «لا يأتي في فعل الأمر مطلقاً»، فذلك صحيح جدا!
من لا يقاتل لضمان مقعد لنفسه، على طاولة مفاوضات حول امر يخصه، حتى لو من بعيد، يضمن لنفسه في الواقع أن يكون هو الطبق الشهي على تلك الطاولة.
وما زالت الضجة في «اللاذقية» قائمة ومستمرة حتى اليوم، لكنها لم تعد محصورة «ما بين أحمد والمسيح» وحدهما، بل انتشرت وتعمقت بين متفرعاتهما من طوائف وجماعات وقبائل، وشُذّاذ آفاق أيضا.
يسألونك… قل: اقرأ واستوعب وتدبّر. وإلا فاكتب وصيّتك، او لا تكتبها، فلن يكون بعدك من يقرأها، أو يحترمها، أ

ha

إقرأ أيضاً

الأكثر زيارة

Developed by MONGID | Software House جميع الحقوق محفوظة لـمفوضية العلاقات الوطنية © 2024