"الرباعية" المؤجلة، وكيري المقبل على مهله - حسن سليم
ما يجري في فلسطين من هبة شعبية يشاهدها العالم بالصوت والصورة، كان التوقع ان تخلق حالة اهتمام اكبر مما هي عليه، لا سيما من قبل من يحملون صفة رعاة عملية السلام او المتدخلين فيها، وعلى رأسهم "الرباعية".
اللجنة الرباعية الدولية، التي تضم في عضويتها كلا من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وأنشئت في مدريد عام 2002، تنازلت عن دورها طوعا استجابة لطلب نتنياهو بعدم القدوم لفلسطين، بظن الأخير أنه سيكون قد أكمل مخططه بإلاجهاز على الهبة الفلسطينية، وسيكون حينها الفلسطينيون مُخضعين مُنهكين نتاجا لما ينفذه جيشه وعصاباته من إعدامات ميدانية، جُلها طالت الأطفال والنساء، إضافة لهدم المنازل وتنكيل وترويع للآمنين، وكل ذلك يجري بلا خجل على مرأى ومسمع من العالم أجمع.
وفي ظل تخلي "الرباعية" عن القيام بدورها وتحملها لمسؤولياتها في ظل صراع الشعب الفلسطيني ضد الدولة المحتلة، وهو الصراع الفريد في العالم الذي يكون المطلوب فيه ان يقدم الشعب المحتل الحماية للدولة المحتلة، وتوفر فيه ظروفا آمنة لحركة جيشها وقطعان مغتصبيه، ثمة موقف مطلوب ان تجابه به دولة الاحتلال، من قبل الدول التي تستضيف قادتها، والحديث يجري عن استقبال المانيا لنتنياهو لاجتماع مع ميركل، التي فقط يكفيها ان تستذكر، كيف منعت دولة الاحتلال الاسرائيلي طائرة وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير، في نهاية أيار الماضي، من المرور "بمجالها الجوي" وأجبرتها على تغيير مسارها والطيران مسافة طويلة امتدت إلى 600 كيلو متر بدلا من 240، خلال رحلته الأخيرة بين العاصمتين اللبنانية بيروت والأردنية عمان، لمجرد انه لم يدرجها على برنامج زيارته، مخالفة بذلك العرف والقانون الدولي، وهو سلوك لا تمارسه دول، بل عصابات دولية.
وللجم الاحتلال ووقف جرائمه ينتظر الفلسطينيون أن ترد الأمم المتحدة والسكرتير العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، إيجابا على طلب فلسطين المقدم من قبل مندوب فلسطين السفير رياض منصور بتشكيل نظام حماية خاص للشعب الفلسطيني وفقا للقانون، حيث إن دولة الاحتلال هي طرف متعاقد سامٍ لمواثيق جنيف لعام 1949، المختصة بحماية المدنيين في زمن الحرب، حيث على الأرض تقوم دولة الاحتلال الاسرائيلي بقتل المدنيين والأطفال وتمارس العقوبات الجماعية على مرأى ومسمع من العالم.
وبالمقابل وفيما يتعلق بالانتظار لقدوم رئيس الدبلوماسية الأميركية جون كيري، المعروف ببطء حركته، إضافة لانتظاره حتى يرى الضوء الأخضر شاعلاً من تل أبيب إيذانا بالتحرك، فان كيري المقبل على مهله، بعد طول الوقت المستغرق بحزم حقائبه، يتوقع المراقبون ان تكون حقائبه محشوة بملابس وربطات عنقه الملونه كما يحب، وليس بمقترحات توقف جرائم الاحتلال، كما نحب، حيث إن الموسم المقبل على الولايات المتحدة من انتخابات يجعل الحزب الديمقراطي الطامح بالبقاء مقيما في البيت الابيض غير مضطر لخسارة دعم اللوبي الصهيوني له، بل قد يكون اكثر تشددا في دعم لدولة الاحتلال.
اما المقترحات التي يقال إن كيري يحملها، فسقفها ليس اكثر من مطالب الاحزاب الاسرائيلية المطالبه بالهدوء من طرف الفلسطينيين، مع بقائهم شاكرين لله انهم ما زالوا غير مطرودين من بيوتهم، وبأن اسرائيل غير راغبة بتكرار تهجيرهم كما فعلتها في النكبة عام 48.
واضح ان الموقف الاميركي مصر على البقاء خلف الموقف الاسرائيلي، داعما له، غير آبه بما قد تصل اليه الامور في هبه شعبيه عنوانها كل المشاركين فيها، وتحظى بتأييد جماهيري واسع، الامر الذي سيجعل من غير الممكن اقناعها بالتوقف حال تم التوصل لاتفاق، فحينها سيكون الثمن اكبر من توقعات المتمهل في القدوم.
أما للسائلين عن موقف العرب، فثمة من يجيب: يكفينا صلواتهم ودعاؤهم.